ووجهوا هذا الاشتراط بأن المفروض أن الراوي من الصحابة عدل ولا يعقل أن يترك لعدل ما رواه رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلا وقد صح عنده حديث آخر ناسخ له، وإلا كان ذلك طعنًا في عدالته (?) ومن هذا النص يتبين مراد ابن خلدون بمقالته ثم ذكر مذهب المالكية فقال: اشترط المالكية للعمل بخبر الواحد ألا يكون مخالفًا لعمل أهل المدينة (?).
ثم قال: تحت عنوان «مذهب الشافعية» لم يشترط الإمام الشافعي في العمل بخير الواحد ما شرط المالكية، ولا ما شرطه الحنفية، بل شرط فيه صحة السند والاتصال، فإن صح السند واتصل الحديث عمل به خالف عمل أهل المدينة أو لا، اشتهر أو لا.
فإذا عارض الحديث غيره من الأحاديث بحث عن الناسخ فإن وجد عمل به، وترك المنسوخ وإذا لم نجده فإن أمكن الجمع جمع بينهما أو أُوِّلَ بعضها حتى يزول التعارض بينهما وبشرط الاتصال لم يعمل بالحديث المرسل، وهو الذي سقط من سنده الصحابي إلا إذا أنضم إليه دليل آخر يقويه، ومن ثم عمل بمراسيل سعيد بن المسيب لأنه وجدها كلها مروية من طرق أخرى متصلة (?).
ثم ذكر مذهب الحنابلة فقال: إنهم يوافقون الشافعية في عدم اشتراط شيء مما شرطه الحنفية والمالكية وزادوا عليهم أنهم لم يشترطوا الاتصال، بل متى صح السند عملوا به سواء كان متصلاً أو غير متصل، ومن ثم عملوا بالمراسيل، وقدموها على القياس فمذهبهم أوسع المذاهب في العمل بالسنة (?).
والحق في هذه المسألة هو ما ذهب إليه الإمام الجليل الشافعي وهو العمل بالحديث ما دام اتصل سنده، وكان رواته عدولاَ ضابطين سواء وافقه الراوي (?) بعمله