يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنِ اتَّخَذَ كَلْبًا، إِلاَّ كَلْبَ زَرْعٍ، أَوْ غَنَمٍ، أَوْ صَيْدٍ، يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطٌ» (?) وكذلك روى هذه الزيادة عن ابن عمر النسائي قال الإمام النووي: " فَيُحَتَمَلُ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ لَمَّا سَمِعَهَا مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَتَحَقَّقَهَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَوَاهَا عَنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَزَادَهَا فِي حَدِيثِهِ الَّذِي كَانَ يَرْوِيهِ بِدُونِهَا وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ تَذَكَّرَ فِي وَقْتٍ [أَنَّهُ سَمِعَهَا مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] فَرَوَاهَا وَنَسِيَهَا فِي وَقْتٍ فَتَرَكَهَا، وَالحَاصِلُ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ لَيْسَ مُنْفَرِدًا بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ بَلْ وَافَقَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ فِي رِوَايَتِهَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَوِ انْفَرَدَ بِهَ لَكَانَتْ مَقْبُولَةً مَرْضِيَّةً» (?).
[ب] قول ابن عمر ليس فيه ما يدل على الشك فيما رواه أبو هريرة، ولا التشكيك فيه وليس فيه الطعن في صدق أبي هريرة وأمانته، وإنما فيه إشارة للباعث لأبي هريرة على حفظ هذه الرواية وهو أنه كان صاحب زرع، والعادة أن الشخص يحفظ ما يكون له مساس به، ويرحم الله الإمام النووي حيث قال: «[قَالَ الْعُلَمَاءُ]: لَيْسَ هَذَا تَوْهِينًا لِرِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلاَ شَكًّا فِيهَا بَلْ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ صَاحِبَ زَرْعٍ وَحَرْثٍ اعْتَنَى بِذَلِكَ وَحَفِظَهُ وَأَتْقَنَه، وَالْعَادَةُ أَنَّ المُبْتَلَى بِشَيْءٍ يُتْقِنُهُ مَا لاَ يُتْقِنُهُ غَيْرُهُ وَيَتَعَرَّفُ مِنْ أَحْكَامِهَ مَا لاَ يَعْرِفُهُ غَيْرُهُ».
[ج] مما يؤكد هذا الفهم ويقويه ما كان يكنه ابن عمر لأبي هريرة - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - من التقدير والإجلال له والاعتراف بالحفظ، وقد ثبت أنه كان يترحم عليه في جنازته، ويقول: «كَانَ يَحْفَظُ عَلَيْنَا حَدِيثَ رَسُولِ اللهِ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -». وذكر البغوي في كتابه " الصحابة " بسند جيد عن ابن عمر أنه كان يقول: «إِنْ كُنْتَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ لأَلْزَمَنَا لِرَسُولِ اللهِ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَحْفَظَنَا لِحَدِيثِهِ»، وهل غاب عن ذهن صاحب " الضحى " أن صحابة رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ما كانوا يعرفون المداهنة، ولا المراوغة، ولا يخافون في الحق لومة لائم، فلو أن ابن عمر قصد تكذيب أبي هريرة في زيادته لصرح بذلك ولعنفه ابن عمر ما كان ليخشى أبا هريرة، وهو لا حول له ولا قوة!!!