أصلح الأدوية للعين إذا عجن بالإثمد - أي الكحل - واكتحل به، فإنه يقوي الجفن، ويزيد الروح الباصرة حدة وقوة.
فها نحن نرى أن بعض المسلمين ولا سيما العلماء لم يقصروا في إجراء التجربة على حسب ما كان يتيسر لهم في هذه العصور المتوالية، فإن الأطباء: القدامى منهم من يرى أنها دواء وحدها، ومنهم من يرى أنها دواء إذا انضمت إلى غيرها.
[3] في هذا العصر الذي تقدمت فيه العلوم، وجرى فيه علم الطب أشواطا بعيدة، حتى نجح الأطباء في علاج بعض الأمراض المستعصية، وتمكنوا من زرع بعض أجزاء الجسم المهمة من إنسان إلى إنسان آخر، لو قام جماعة من الأطباء المتخصصين في فروع من الطب شتى يعاونهم بعض العلماء المشتغلين بالحديث النبوي رواية، ودراية - وبحثوا في الطب النبوي لكان من وراء ذلك خير كثير، ولتبين لهم أن الكثير من الأحاديث التي شكك فيها بعض المستشرقين، ومن تابعهم من المسلمين - هو صحيح معنى ودراية، كما هو صحيح سندًا ورواية بل لتبين لهم أن هذه الأحاديث تعتبر من معجزات النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، إذ لم يكن النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طبيبًا، ولا متطببًا، ولم يكن هناك من المشتغلين بالطب من يعلم هذه الحقائق في زمن النبوة، ولا فيما بعدها، حتى يكون النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قد تأثر بأقوالهم فلم يبق إلا أن تكون هذه الأحاديث وَحْيًا أوحي به إليه من ربه، وصدق الله {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} (?).
[4] أن التجربة في هذا الحديث وأمثاله غير مفيدة للحكم على صحة الحديث أو عدم صحته، لعدم معرفة المراد من الحديث يقينًا، إذ ليس فيه نص على أن كل كمأة دواء لأنه يجوز أن يكون النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال ذلك في كمأة خاصة أو في نوع من الكمأ ولا أنها دواء من كل داء للعين، ولا أنها دواء في جميع الأزمان، ولا لجميع الأشخاص.
والمسألة ليست من شرائع الدين التي لها صفة الثبوت والبقاء إلى يوم القيامة فيجوز أن يكون الدواء من كمأة خاصة كانت في زمنه - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، من بقعة خاصة،