" الصحيحان " ورواه غيرهما كالترمذي في " جامعه " وابن ماجه في " سننه " وليس في سنده ما يدعو إلى الحكم بالوضع ولا في متنه ما يخالف عقلاً، ولا نقلاً، ولا واقعًا حتى يتشكك فيه العلماء والحديث إذا صح وثبت عن النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لا ينبغي التشكك فيه لأنه إن كان بوحي من الله فلا خلاف في قبوله واعتقاد الشفاء فيها، وإن كان باجتهاد وسكت عنه الوحي يعتبر إقرارا من الله تعالى لنبيه - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ويعتبر في منزلة الموحى إليه به من الله - جَلَّ وَعَلاَ -، لأنه يستحيل شرعًا وعقلاً أن يقر الله - تَبَارَكَ وَتَعَالَى - نبيه محمدا - صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلاَمُهُ عَلَيْهِ - على أمر غير حق وغير صواب، وأيا كان الأمر فليس هناك ما يدعو إلى الشك أو التشكيك فيما دل عليه الحديث من كون الكمأة شفاء للعين والذي يتبادر من الحديث أن المراد أن ماءها شفاء للعين وهذا هو ما فهمه الصحابي أبو هريرة حيث عصر أكمؤًا وأقطر ماءها في عين جارية له عمشاء فبرأت بإذن الله تعالى.
[2] إن المسلمين من عهد الصحابة إلى وقتنا هذا لم يقصروا في التجربة، فهذا هو سيدنا أبو هريرة قد فعل ذلك وقد ذكر ابن القيم في " زاد المعاد في هدي خير العباد " اعتراف فضلاء الأطباء أن ماء الكمأة يجلو البصر منهم المسيحي، وابن سينا، وغيرهما، وأن فيها جوهرًا لطيفًا يدل على حفتها، والاكتحال به نافع لظلمة البصر، والرمد الحار (?) وكذلك جاء في " تذكرة " داود الأنطاكي أن ماءها يجلو البياض اكتحالا، وقد حكى الإمام النووي في " شرح صحيح مسلم " (?) أن بعض علماء عصره كان قد عمي وذهب بصره فاكتحل بماء الكمأة مجردًا فشفي، قال: وهو شيخ له صلاح ورواية للحديث، وبعضهم يرى أنها تستعمل مضمومة إلى غيرها وأيدوا قولهم ببعض التجارب، وهي أنهم أخذوا كمأة وعصروها، واكتحل منها فهاجت العين، وقد قال الغافقي في " المفردات " أن ماء الكمأة