فهؤلاء قلة لا يقام لهم وزن، وَالمُحَدِّثُونَ المُحَقِّقُونَ أنفسهم قَدْ نَدَّدُوا بهم وجعلوا فقه الحديث وفهمه من آداب طالب الحديث قال ابن الصلاح في " مقدمته ": [ص 212] «لاَ يَنْبَغِي لِطَالِبِ الحَدِيثِ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى سَمَاعِ الحَدِيثِ، وَكَتْبِهِ دُونَ مَعْرِفَتِهِ، وَفَهْمِهِ، فَيَكُونُ قَدْ أَتْعَبَ نَفْسَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَظْفَرَ بِطَائِلٍ، وَبِغَيْرِ أَنْ يَحْصُلَ فِي عِدَادِ أَهْلِ الْحَدِيثِ، بَلْ لَمْ يَزِدْ عَلَى أَنْ صَارَ مِنَ المُتَشَبِّهِينَ المَنْقُوصِينَ، المُتَحَلِّينَ بِمَا هُمْ مِنْهُ عَاطِلُونَ».
فهل هنالك أصرح من هذا في لزوم عناية أهل الحديث بمعنى الحديث وفقهه ومما قيل في هذا:
يَا طَالِبَ الْعِلْمِ الَّذِي * ... * ... * ذَهَبَتْ بِمُدَّتِهِ الرِّوَايَهْ
كُنْ فِي الرِّوَايَةِ ذَا العِنَا * ... * ... * يَةِ بِالرِّوَايَةِ وَالدِّرَايَهْ
وَارْوِ القَلِيلَ وَرَاعِهِ * ... * ... * فَالْعِلْمُ لَيْسَ لَهُ نِهَايَهْ
بل قالوا: يلزم العلم بعلوم العربية اَيْضًا قال ابن الصلاح: (?) «حَقٌّ عَلَى طَاِلبِ الحَدِيثِ أَنْ يَتَعلَّمَ مِنَ النَّحْوِ وَاللُّغةِ مَا يَتَخَلَّصُ بِهِ مِنْ شَيْنِ اللَّحْنِ وَالتَّحْرِيفِ وَمَعَرَّتِهِمَا، رُوِّيْنَا عَنْ شُعْبَةَ قَالَ: " مَنْ طَلَبَ الحَدِيثَ وَلَمْ يُبْصِرِ العَرَبِيَّةَ فَمَثَلُهُ مَثَلُ رَجُلٍ عَلَيْهِ بُرْنُسٌ لَيْسَ لَهُ رَأْسٌ " أَوْ كَمَا قَالَ، وَعنْ حمَّادِ بنِ سَلَمَةَ، قالَ: " مَثَلُ الذِي يَطْلُبُ الحَدِيثَ وَلاَ يَعْرِفُ النَّحْوَ، مَثَلُ الحِمَارِ عَلَيْهِ مِخْلاَةٌ لاَ شَعِيرَ فِيهَا "».
في [ص 308] ذكر حديث البخاري عن شيخه خالد بن مخلد القطواني الكوفي وهو حديث «مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا .... » ثم قال في الهامش: «لما أورد الذهبي في ترجمته خالد بن مخلد القطواني من " الميزان " هذا الحديث قال: " هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ جِدًّا وَلَوْلاَ هَيْبَةَ " الجَامِعِ الصَّحِيحِ " لَعَدَدْتُهُ مِنْ مُنْكَرَاتِ ابْنِ مَخْلَدْ "».
أقول:
كان على المؤلف أن يعي مقدار هذه الكلمة من إمام كبير كالذهبي يعتبر من