رَدُّ المُؤَلِّفِ عَلَى أَبِي رَيَّةَ فِي زَعْمِهِ:

هذه الدعوى قد سبق إليها المُسْتَشْرِقُونَ، وَرَدَّدَهَا مَنْ لَفَّ لَفَّهُمْ مِنَ البَاحِثِينَ المُحْدَثِينَ وهي دعوى مردودة فالعلماء المُحَدِّثُونَ قد عنوا بنقد المتون كما عنوا بنقد السَّنَدِ، ومن أقسام الحديث عندهم الموضوع والمتروك والمنكر والشاذ والمقلوب والمضطرب وَالمُعَلَّلُ، ومعظم هذه الأنواع يرجع إلى المتن كما يرجع إلى السند، وقد نقل المؤلف نفسه أَنَّ المُحَدِّثِينَ يُقَسِّمُونَ المضطرب إلى مضطرب الإسناد ومضطرب المتن وكذلك فعلوا في الموضوع وَالمُعَلَّلُ وغيرهما من الأنواع.

نعم إِنَّ المُحَدِّثِينَ لم يبالغوا في نقد المتون كما بالغوا في نقد الأسانيد وذلك لنظر دقيق وَسِرٍّ يخفى على بعض البَاحِثِينَ، وقد فصلت ذلك غاية التفصيل فيما سبق.

وضربت الأمثلة لعنايتهم بنقد المتون وبينت وجهة نظرهم في أنهم لم يبالغوا في نقد المتون كما بالغوا في نقد الأسانيد.

وقد عرضت فيما سبق اَيْضًا لحديث سجود الشمس الذي أكثر السيد محمد رشيد رضا من استشكاله والاستشهاد به وبينت أنه صحيح رواية وصحيح معنى وأنه جاء على أسلوب في غاية الروعة والبيان فلا داعي للإعادة.

وأما تعليل عدم عنايتهم بنقد المتون كالأسانيد بقصور المُحَدِّثِينَ في باب الدراية وأن ذلك ليس من صناعتهم وأنه من صناعة علماء الأصول والفقه - كما نقل المؤلف ذلك عن السيد محمد رشيد رضا - (?) فكلام مردود فكثير من أئمة الحديث قَدِيمًا وحَدِيثًا جمعوا بين الرواية والدراية،، وكثير منهم كان يحذق الأصولين - أصول الدين وأصول الفقه - وإذا كان بعض علماء الفقه والأصول تهجموا على بعض الأحاديث وَرَدُّوهَا فليس ذلك لأنهم أعلم بالمتون ولكن ذلك يرجع إلى قصورهم في باب العلم بالرواية وشروطها وعدم تمرسهم فيها كما تمرس علماء الحديث، وإذا كان بعض الرواة كانت مهمتهم الجمع والحفظ دون البصر بالمروي والفقه فيه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015