الستة وغيرهم، قال أحمد بن الحسن الترمذي: سمعتُ أبا عبد الله - يعني أحمد بن حنبل - يقول: «إذا كان يعرف الحديث ومعه فقه أحب إليَّ مِمَّنْ حفظ الحديث ولا يكون معه فقه».
وروى الحاكم في " تاريخه " عن عبد العزيز بن يحيى قال: قال لنا سفيان بن عُيينة: «يا أصحاب الحديث تعلَّمُوا معاني الحديث، فإنِّي تعلمتُ معاني الحديث ثلاثين سَنَةً» (?). وإنك لتلمس أثر الفقه والفهم للأحاديث في " صحيح الإمام البخاري " في تبويبه الأبواب، وطريقته في التراجم، وتكراره أو تقطيعه للحديث الواحد في مواضع بحسب مناسباته الفقهية، وكثيراً ما يُدْلِي برأيه في مسائل تكون موضع الخلاف، وقد يترك المسألة من غير قطع إذا لم يَتَرَجَّحْ عنده شيء حتى لقد قيل: فقه البخاري في تراجمه، وكذلك طريقة مسلم في ترتيب كتابه، وطريقة أصحاب السُنن ولا سيما الترمذي فقد عرض في " سُننه " لكثير من الآراء الفقهية عَرْضَ رجلٍ وَاعٍ فاهمٍ عارفٍ.
نعم لقد وُجِدَ في العصور المتأخِّرة أناس - وَهُمْ قلَّة - جعلوا هَمَّهُمْ الرواية والجمع دون الفقه والفهم للمتون، وهؤلاء إنما وجدوا بعد أنْ جُمِعَتْ السُنن والأحاديث في دواوينها المعتمدة ولعلَّ هؤلاء هم الذين عناهم أبو الفرج بن الجوزي في كتابه " صيد الخاطر " ووصفهم بأنهم زوامل للأسفار يحملون ما لا يعلمون (?)، وإلاَّ فقد كان هناك من أمثاله كثيرون.
لا خلاف بين العلماء أنَّ المحافظة على ألفاظ الحديث وحروفه أمر من