كافة، وكثيراً ما كان النَّبِي - صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلاَمُهُ عَلَيْهِ - يحضهم على الأداء لغيرهم بمثل قوله: «نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مَقَالَتِي فَوَعَاهَا فَأَدَّاهَا كَمَا سَمِعَهَا فَرُبَّ مُبَلِّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ»
وفي رواية بلفظ: «فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ غَيْرِ فَقِيهٍ، وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ»
رواه الشافعي والبيهقي في " المدخل ".
وفي خطبته المشهورة في حُجَّة الوداع قال: «لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ، فَإِنَّ الشَّاهِدَ عَسَى أَنْ يُبَلِّغَ مَنْ هُوَ أَوْعَى مِنْهُ» رواه البخاري في " صحيحه ".
وكان إذا قدم عليه وفد وعلَّمهم من القرآن والسُنَّة أوصاهم أنْ يحفظوه ويبلِّغوه، ففي " صحيح البخاري " أنه قال لوفد عبد القيس: «احْفَظُوهُ وَأَخْبِرُوهُ مَنْ وَرَاءَكُمْ» وفي قصة أخرى قال: «ارْجِعُوا إِلَى أَهْلِكُمْ فَعَلِّمُوهُمْ» (?).
وكثيراً ما كان يقرع أسماعهم بقوله: «مَنْ كَتَمَ عِلْمًا أُلْجِمَ بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» فمن ثم كانوا جد حريصين على حفظ السُنن والحفاظ عليها وتبليغها بلفظها أو بمعناها.
ولم تكن الأحاديث مُدَوَّنَةً في عصر النَّبِي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -لأمرين:
1 - أحدهما: الاعتماد على قوة حفظهم وسيلان أذهانهم وعدم توفُّر أدوات الكتابة فيهم.
2 - ثانيهما: لما ورد من النهي عن كتابة الأحاديث والإذن في كتابة القرآن الكريم.
روى مسلم في " صحيحه " عن أبي سعيد الخُدْرِي أنَّ رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «لاَ تَكْتُبُوا عَنِّي شَيْئًا إِلاَّ الْقُرْآنَ، وَمَنْ كَتَبَ عَنِّي شَيْئًا فَلْيَمْحُهُ» ولهذا كره بعض السلف كتابة الحديث والعلم.