وفي الآية الآتية إشارة إلى أهمية المنهج الصحيح في مجادلة المخالفين من الكافرين من أهل الكتاب، فهي تَنْهى المؤمنين عن مجادلتهم إلا بالتي هي أحسن، وليس هذا فحسب بل الآية تأمر المؤمنين بإعلان الحق الذي يؤمنون به ويدعوهم إليهم دِينُهم، ومِنْ ذلك ما يوافقهم عليه أهل الكتاب من أصول الإيمان، وفي هذا إشارة إلى عدم تحاشي إعلان الحق الذي يشاركنا في الإيمان به أهل الكتاب: {وَلاَ تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُم وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَينَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُم وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُم وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُون} 1.
بل تذهب الآية الآتية إلى أبعدَ مِنْ هذا، إذ تأمر المؤمنين أن يبتعدوا عن سبّ الآلهة الزائفة التي يعبدها المشركون من دون الله، ومع أن مثل هذا المسلك حق في ذاته إلا أنه قد يجرّ المشركين إلى أن يسبّوا الله عَدْواً بغير علم، فلهذا نهى الله المؤمنين عن سبّ آلهة المشركين الزائفة، وفي هذا تفقيه للمؤمنين وأَمْر لهم أن ينظروا في عواقب الأمور وفي تحقيق المقاصد الشرعية: {وَلاَ تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللهِ فَيَسُبُّوا اللهَ عَدْوَاً بِغَيْرِ عِلْم} 2.