وكلف الناس بطاعتهم والاستقامة على هديهم، وتوجيهاتهم، يقول تعالى:

{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ} 1.

إن هذه الصفوة المختارة للرسالة أدت أمانة الدعوة بالبلاغ الواضح، والخطاب السهل، والحوار الهادئ، لم يتكلفوا، ولم يتحدثوا بكلام غير مفهوم، يوضح ذلك الرسول -صلى الله عليه وسلم- مبينا حالته وأحوال إخوانه الرسل السابقين، فينطق بقول الله تعالى: {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ، إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ، وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ} 2, هذه الكوكبة العظيمة من الرسل عانت كثيرا من العنت والمشاق، وواجهت عديدا من المعارضات والأعداء، وفي كل الحالات أدت ما كُلفت به؛ ولذلك كتب الله لرسله النصر دائما، يقول تعالى:

{وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ، إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ، وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ} 3.

ومع إيماننا بأن الله أرسل عديدا من الرسل لا يحصيهم إلا هو سبحانه وتعالى، فإني سأكتفي بالبحث في الدعوات التي ذكرها القرآن الكريم، وأترك ما سكت عنه حتى لا نضرب في التيه، ونعيش وسط الأساطير والأوهام.

وأول الأنبياء آدم -عليه السلام- أوحى إليه الله قبل أن يولد له؛ ولذا كان الوحي إليه تعليما لما يحتاجه وبنوه في معاشهم، وحياتهم على الأرض، واستمر أبناؤه يتعلمون منه، ويطيعونه، ولم يشذ منهم إلا قابيل على نحو ما سنذكره؛ ولذلك يرى العلماء أن آدم -عليه السلام- لم يكلف بالدعوة؛ لأن أبناءه كانوا على الإسلام، واستمروا عليه بعد أبيهم، حتى ظهرت الأصنام بعده بعشرة قرون تقريبا،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015