إلى درجة تصير بعدها الرسالة السابقة قاصرة عن تحقيق غايات الدين ومراميه، أو تنقسم الأمة إلى جماعات فتحتاج كل جماعة إلى رسالة تناسبها. وهكذا تعددت الرسالات، وكلها تبين عناية الله بالناس، وتكريمه لهم على الزمن كله.
والرسل -عليهم الصلاة والسلام- هم خير البشرية، وأصفاهم نفسا، وأزكاهم عقلا، وأسرعهم إيمانا، وأحسنهم طاعة واستقامة. اصطفاهم ربهم -سبحانه وتعالى- وهو: {أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} 1، وأمدّهم بعلم لا يعلمه سواهم، يقول تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا، إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ} 2.
وأحاطهم بالأمان والحفظ، قال تعالى: {وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ} 3.
وأفاء عليهم بالنعم الوافرة، والهداية السابغة، واختارهم لرسالته التي هم بفضل الله أحق بها وأهلها، قال تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا} 4.
ويقول سبحانه: {أُولَئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ} 5.
وجعلهم سبحانه وتعالى مصدر الهداية، ومناط الأسوة والقدوة، يقول تعالى:
{أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ} 6.