فهذه الأحداث وأمثالها كثير، يجب ردها لأنها تخالف الحقائق الدينية، التي كان الرسول وأصحابه أحرص عليها، فهم مبلغوها، وأهلها.
رابعا: عدم الاكتفاء بظاهر الحدث، والاهتمام بالكشف عن خلفيته وأسراره، فقد تصدق الواقعة إلا أن معرفة دوافعها، وظروفها، يجعلها ممكنة، ومثال ذلك ما جاء في قوله تعالى: {عَبَسَ وَتَوَلَّى، أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى، وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى، أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى، أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى، فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى، وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى، وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى، وَهُوَ يَخْشَى، فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى، كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ، فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ} 1.
فالآيات تعتب على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عبوسه وانصرافه عن ابن أم مكتوم -رضي الله عنه- الذي جاءه يسأله، في الوقت الذي كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيه يتصدى لدعوة صناديد قريش المنصرفين عن الدعوة، وهم: عتبة، وشيبة ولدا ربيعة، وأبو جهل، والعباس، وأمية بن خلف، والوليد بن المغيرة.
هذا هو الحدث، لكن معرفة أسباب النزول يؤدي إلى فهم الواقع، وتلمس العذر لرسول الله، ويخفف أمر العتاب الموجه إليه.
فرسول الله تصدى للقوم إخلاصا للدين، وأملا في انتصار الإسلام، وابن أم مكتوم لم يختر الوقت المناسب، وله عذره بسبب عماه، ونزول الآية عتاب رقيق للرسول، يؤسس معلما في حركة الدعوة {إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ} فالناس سواسية، والهدى هدى الله، ولكل إنسان فهم وواقع يجب مراعاته.
وبهذا الفهم يسهل الأمر، ويتضح المراد ...