ولقد صور القرآن الكريم حياته -صلى الله عليه وسلم- العملية، وسلوكه مع الناس، وتعبده لربه في السر والعلن، وخلقه، وعمله، فمن أراد أن يرى القرآن مصورا فلينظر إلى سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن أراد أن يقرأ محمدا -صلى الله عليه وسلم- مكتوبا فليقرأ القرآن الكريم؛ وذلك لشدة المطابقة بين العمل والتنزيل.

ولهذا تعد السيرة النبوية تسجيلا عمليا للدعوة الإسلامية، أصولها، ومناهجها، ووسائلها، وتاريخها خلال هذه الفترة المهمة.

هـ- أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- خير أجناد الأرض، وهم خير أمة أخرجت للناس، آمنوا بالإسلام إيمانا كاملا، وخلعوا من قلوبهم حب الدنيا، وملئوها بحب الله ورسوله؛ ولذلك حملوا أمانة الدعوة إلى الإسلام، وبلغوها للعالمين، بعد أن طبقوها على أنفسهم وحياتهم، وقدموا من صور الحب للإسلام، والتفاني في سبيله، ما يعد نشازا في نظر كثير من الناس.

هؤلاء الصحابة -رضوان الله عليهم- كانوا جمهور الدعوة في عصرها الأول ... وكانوا عمليا حقل تجارب دقيقا لبيان مدى تجاوب الدعوة الربانية مع الفطرة البشرية، ومعرفة قيمة المنهج المتبع، والأسلوب المألوف ... وقد ثبتت سعادة الناس بالدعوة، وخيرية الدعوة للناس أجمعين.

ومن قدر الله تعالى أن الرواة كانوا يتابعون كل شيء في حياة الصحابة اليومية؛ ولذلك نقلوا عن الجميع، وفي كل شئون الحياة، ونشاط الدنيا، فبقيت التجربة بأحداثها، ووقائعها، ونتائجها حية في حركتها، ووضوحها لتؤكد لكل ذي عقل أن الإسلام صالح لكل زمان ومكان، وأنه لن تصلح الأمة الإسلامية في أي عصر إلا بما صلح بها أولها.

القسم الثالث: ويتضمن تاريخ الدعوة بعد وفاة رسول الله محمد -صلى الله عليه وسلم- وسوف يبقى مستمرا إلى يوم القيامة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015