وأورد صاحب "التوضيح" الكثير مما يحدث عند القبور من الشركيات والبدع والمحدثات1.
ثم يبين صاحب "التوضيح" الزيارة الشرعية لقبر نبينا صلى الله عليه وسلم فيقول:
(فأما المشروع من زيارة قبر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فهو ما قاله الإمام مالك وأحمد بن حنبل والشافعي وأبو حنيفة وغيرهم من المجتهدين كلهم قالوا: إن من كان حاضراً في المدينة، فيشرع في حقه أن يأتي إلى القبر، فيصلي، ويسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى صاحبيه رضوان الله عليهما. قالوا: ولا يكثر من المجيء عليه، ولا يكرره في اليوم مرات احتراما له، ولأنه لم يفعله الصحابة ولا التابعون، وأن من قدم من سفر، أو خرج إليه فيقف على قبر النبي صلى الله عليه وسلم فيصلي، ويسلم عليه، وعلى صاحبيه بعد أن يصلي لله في المسجد ركعتين) 2.
ثم يتبعه ببيان الزيارة البدعية للقبر النبوي فيقول:
(وأما غير المشروع فهو قصده للدعاء واتخاذه عيداً بالاجتماع عنده، والسفر إليه، لما في "الصحيحين" وغيرهما من المسانيد والسنن أنه صلى الله عليه وسلم نهى أن يتخذ فبره مسجداً وقال: " اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " 3 بعد قوله: " اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد " 4 فإنه صلى الله عليه وسلم لم ينه عن الصلاة عند القبور واتخاذها مساجد استهانة بأهلها، بل لما يخاف على القاصدين لها من الفتنة بدعائها، أو الدعاء عندها) 5.
ويبين صاحب "التوضيح" بطلان ما استدلوا به من أحاديث في مشروعية شد الرحال لزيارة قبر المصطفى صلى الله عليه وسلم وسائر القبور6 فيذكر أوجه البطلان فيها:
أحدهما: أن هذه الأحاديث كلها مكذوبة موضوعة باتفاق غالب أهل العلم، ولم يجعلها في درجة الضعيف إلا القليل.
الثاني: أنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث واحد في زيارة قبر مخصوص، ولا روي في ذلك شيء لأهل الصحيح، ولا السنن، ولا الأئمة المصنفين في المسانيد كالإمام أحمد وغيره.