الله صلى الله عليه وسلم عن البناء على القبور.. وأنتم تبنون عليها القباب العظيمة، والذي رأيته في المعلاة أكثر من عشرين قبة، ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يزاد عليها غير ترابها، وأنتم تزيدون عليها غير التراب، التابوت الذي عليه، ولباس الجوخ، ومن فوق ذلك القبة العظيمة المبنية بالأحجار والجص) 1. ويبين صاحب "التوضيح" بعضا مما يجب تجاه القبور فيقول:
(وأما تعظيم القبور بمعنى احترامها، فإن كانت للمسلمين فواجب لا يجوز تبول، ولا تغوط، ولا جلوس ووطوء عليها لما في صحيح مسلم عن أبي مرثد الغنوي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها " 2 وفيه أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا قد اتكأ على قبر فقال: " لا تؤذوا صاحب القبر " وفيه أيضا عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لئن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه، فتخلص إلى جلده، خير له من أن يجلس على قبر مسلم " 3.
وأما تعظيمها بمعنى عبادتها فهو أكبر الكبائر عند الخاص والعام، وأصل فتنة عباد الأصنام كما قاله السلف من الصحابة، والتابعين والأئمة المجتهدين) 4.
ثم ذكر صاحب "التوضيح" الأحاديث في النهي عن اتخاذ القبور مساجد منها حديث عائشة وابن عباس قالا: لما نزل برسول الله صلى الله عليه وسلم طفق يطرح خميصة كانت على وجهه، فإذا اغتّم كشفها، فقال وهو كذلك: " لعنة الله على اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، يحذر أمته ما صنعوا " 5 متفق عليه ثم يقول صاحب "التوضيح"- بعد هذه الأحاديث- مشيراً إلى حال عباد القبور:
(وهذا حال من سجد لله عند قبر، فكيف بمن يسجد للقبر نفسه، أو دعاه، وعدل عن أوضاع الشرع إلى تعظيم أوضاع الجهال والطغام وضعوها لأنفسهم بتلبيس إبليس عليهم، فسهلت لهم، وطابت بها قلوبهم من تعظيم القبور، وإكرامها، والتوكل عليها، والنذر لها، وكتب الرقاع فيها، وخطاب الموتى بالحوائج يا سيدي يا مولاي افعل بي كذا وكذا، وأخذ تربتها، والخرق التي عليها تبركا، وإيقاد السرج عليها، وتقبيلها، وتخليقها وشد الرحال إليها) 6.