القضاة في الحجاز، إليهم حول البناء على القبور..، وكان جوابهم على الاستفتاء في اليوم الخامس والعشرين من شهر رمضان سنة أربع وأربعين وثلاثمائة وألف (25 رمضان 1344هـ) ، ومما جاء في هذا الجواب ما نصه:
(أما البناء على القبور فهو ممنوع إجماعا لصحة الأحاديث الواردة في منعه ولهذا أفتى كثير من العلماء بوجوب هدمه مستندين على ذلك بحديث علي رضي الله عنه أنه قال لأبي الهياج: " ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا تدع تمثالا إلا طمسته، ولا قبراً مشرفا إلا سويته "1 رواه مسلم.
وأما اتخاذ القبور مساجد، والصلاة فيها فهو ممنوع مطلقا، وإيقاد السرج عليها أيضاً لحديث ابن عباس لعن رسول الله زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج رواه أهل السنن، وأما ما يفعله الجهال عند الضرائح من التمسح بها، والتقرب لهم بالذبح والنذر ودعاء أهلها مع الله فهو حرام ممنوع شرعاً لا يجوز فعله أصلا. وأما التوجه إلى حجرة النبي صلى الله عليه وسلم عند الدعاء فالأولى منعه كما هو معروف من معتبرات كتب المذهب؛ ولأن أفضل الجهات جهة القبلة، وأما الطواف بها والتمسح وتقبيلها فهو ممنوع مطلقا) 2.
فلما كتبوا هذا الجواب قام ناس لذلك، وقعدوا، وضجوا وصالوا وقالوا وحرروا بذلك المقالات والكتب، وقد تولى كبر هذا الضجيج والصياح علماء الرافضة، فكان مما كتبوه، ما ذكره العاملي ردا على الوهابية، يقول العاملي معترضاً عليهم:
(إن بناء القبور، وتجصيصها، وعقد القباب فوقها، وعمل الصندوق والخلعة لها مما حرمه الوهابية. وأوجبوا هدم القبور والقباب التي عليها والبناء الذي حولها، وزعم الوهابيون أن البناء على القبور بدعة حدثت بعد عصر التابعين..) 3.
ويذكر العاملي بعض أعمال الوهابيين فيقول:
(هدم الوهابية المسجد الذي عند قبر سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه بأحد، بعدما هدموا القبة التي على القبر. وأزالوا تلك الآثار الجليلة، ومحوا ذلك المسجد العظيم الواسع فلا يرى الزائر لقبر حمزة اليوم إلا أثر قبر على تل من التراب..) 4.