ولعل فضيلة الشيخ عبده في هذا كان متأثر بالأشعرية الذين جعلوا الانفراد بالخلق هو أخص خصائص الإلهية، واهتموا في كتبهم بإقامة البراهين على هذا النوع من التوحيد دون أن يشيروا إلى توحيد الإلهية ... ) 1.
ويبدو أن أحد الدوافع التي جعلت أولئك الكتاب يدّعون تأثر مثل تلك الحركات والشخصيات بدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب هو وجود أحد أوجه التشابه بين دعوة الشيخ وبين تلك الدعوات، ثم يحاولون عندئذ التوصل إلى إثبات هذا التأثر، فبمجرد أنهم عثروا على صفة جزئية تكون موجودة ومشتركة في كل من دعوة الشيخ وتلك الحركات حتى يحكموا بهذا التأثر، دون النظرة الشاملة لمنهج تلك الدعوات ومدى تأثره حينئذ بمنهج دعوة الشيخ الإمام رحمه الله.
فمثلا دعوة الأستاذ محمد عبده هاجمت التصوف، مثلما هاجمته - من قبل دعوة الشيخ رحمه الله، ولكن شتان بين منهج كل منهما في ذلك الهجوم. يقول د. محمد محمد حسين مشيرا إلى الخلط بين المنهجين:
(حتى خلطوا بهم كل من دعا بهذه الدعوة (أي مهاجمة التصوف) واعتبروه منهم، غافلين عن أن التصوف يمكن أن يهاجم من منطلقين مختلفين من منطلق سلفي يهاجم الابتداع، ومن منطلق علماني ينكر الغيبيات ويخضعها للتفكير الحر، ومن هذا المنطلق خلطوا بين الأفغاني ومحمد عبده وبين محمد بن عبد الوهاب) 2.