ومما يجدر التنبيه عليه هاهنا أن نشير إلى ما ذكره الدكتور صالح العبود حول ما يقال من تأثر بعض الحركات والدعوات الإصلاحية والشخصيات الإسلامية بدعوة الشيخ الإمام مثل الحركة السنوسية في ليبيا، والحركة المهدوية في السودان ونحوهما، ومثل الأفغاني ومحمد عبده ومحمد إقبال وغيرهم.
يقول الدكتور العبود عن دعوى تأثر تلك الحركات والشخصيات بدعوة الشيخ الإمام:
(كل ذلك يحتاج إلى دقة وتحقيق ودليل يثبت أن هذه الدعوات والحركات تأثرت بعقيدة الشيخ وحركته ودعوته وقيام أنصاره.
والحقيقة أن هذه الدعوات والحركات النابعة من أهلها، وهم بأنفسهم لا يذكرون أنهم من أتباع الشيخ ولا أنهم تتلمذوا عليه أو قرأوا كتبه ومؤلفاته وأرادوا تطبيقها) 1.
ويسوق العبود أمثلة في إثبات ما ذكره، فيورد الأدلة على اختلاف الحركة السنوسية2 والثورة المهدوية عما دعا إليه الشيخ الإمام، وغيرهما من الحركات والثورات.
ومن هذه الأمثلة التي ذكرها العبود موضحا عدم تأثر بعض الشخصيات الإسلامية بدعوة الشيخ رحمه الله، ما أورده الإمام محمد عبده في رسالة التوحيد التي ألفها، فهو لم يورد توحيد العبادة الذي هو أول واجب على كل مكلف، يقول العبود - عقب ذلك -:
(وقد استدرك عليه تلميذه محمد رشيد رضا فقال: فات الأستاذ أن يصرح بتوحيد العبادة، وهو أن يعبد الله وحده ولا يعبد غيره بدعاء ولا بغير ذلك مما يتقرب به المشركون إلى ما عبدوه معه من الصالحين والأصنام. وهذا التوحيد هو الذي كان أول ما يدعو إليه كل رسول قومه بقوله: {اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُه} 3.
وقال شيخنا محمد خليل هراس: (وقد غلط الشيخ عبده في اعتباره توحيد الربوبية والانفراد بالخلق هو الغاية العظمى من بعثة الرسل ...