أجر طاعتنا. فإن ذلك لو حدث يكون على الأقل مخالفة للأخلاقية كما علمناها القرآن، إن لم يكن انتهاكًا، ونقضًا للشريعة.
وإذا كانت السمة المميزة لنظرية أخلاقية تنبع من المبدأ الذي تطرحه على الإرادة، كهدف لنشاطها، فإننا نرى الآن في آية أسرة يجب أن ننظم الأخلاق القرآنية. ففي نظر هذه الأخلاق ليست اللذة، ولا المنفعة، ولا السعادة، ولا الكمال -ليست هذه كلها بقادرة في ذاتها على أن تنشئ هذا المبدأ، وكل ذلك يجب أن يكون خاضعًا لسلطان "الواجب"، بأقدس معاني الكلمة، وأكثرها واقعية، وأسماها درجة.
ولكن، قد جرى العرف على تسمية القوانين الأخلاقية بحسب العنصر الغالب في مضمونها: فرديًّا، أو اجتماعيًّا، صوفيًّا أو إنسانيًّا، شريعة عدل، أو شريعة رحمة، وهكذا ... وليس شيء من هذه الصفات ذات الجانب الواحد، بمناسب هنا، فيما يبدو لنا.
إن هذه شريعة توصي "بالعدل" و"الرحمة" معًا، وتتواثق فيها العناصر "الفردية"، و"الاجتماعية" و"الإنسانية" و"الإلهية" على نحو متين. بيد أننا لو بحثنا في مجال هذا النظام عن فكرة مركزية، عن الفضيلة الأم التي تتكاثف فيها كل الوصايا، فسوف نجدها في مفهوم "التقوى"، وإذن، فما التقوى، إن لم تكن الاحترام البالغ العمق للشرع؟
هكذا نصل إلى فكرة الواجب، مطروحة هذه المرة على الصعيد العاطفي، كمحرك للإرادة. وعلى هذا الصعيد يبدو لنا "الاحترام" في المركز، بين شعورين متطرفين، يركبهما، ويلطفهما: "الحب"، و"الخوف". ولما كان "الاحترام" ناتجًا بصورة ما عن تزاوجهما فإنه يؤدي دورًا مزدوجًا، حين يستخدم كمحرك، ولجام في آن، ويطلق عليه في جانبه الأخير بخاصة: