ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا} 1، {اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} 2. ولقد تجلى هذا الشعور حين قدم لنا القرآن في صورة عاطفية مؤثرة مشهد الفزع الذي ينبغي أن يزعنا عن اغتياب الآخرين، فشبه المغتاب بمن {يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا} , ثم يضيف: {فَكَرِهْتُمُوهُ} 3 كلكم أجمعون.
وإذا كان الأمر كذلك، ألا يمكن أن نستخلص منه أن الإنسان يملك في غيبة أي تعليم إيجابي -جميع الوسائل الضرورية، العقلية والعاطفية، لكي يميز ما يفعل مما يدع؟، وعلى ذلك ألا يكون التشريع للخير وللشر أحد شئوننا نحن؟
وينبغي للإجابة عن هذا السؤال أن نحدد معنى هذه الدعوى، وأهميتها. هل نريد أن نقتصر على وجهة النظر الإنسانية، ونهتم بخاصة بالضمير الفردي، أم أننا نريد أن نتناول وجهة الشيء في ذاته؟
فإذا كانت فكرة الخير والشر قد حددت عقلًا على أنها: "صفة كمال أو نقص، موافق للطبع أو مخالف، مستحق للمدح أو الذم" -فإن المتكلمين المسلمين لم يجدوا صعوبة في أن يقرروا صلاحية الإنسان للتشريع من هذه الناحية، ولكن هل كل ما نرى أنه حسن، أو قبيح، بحسب عقولنا، هو في ذاته كذلك بالضرورة؟ وبعبارة أخرى: هل هو كذلك في نظر العقل الإلهي؟ وهل نحن على ذلك مدينون أمام الله سبحانه، حق قبل أن نتلقى أوامره بوساطة رسله؟
لقد دارت مناقشاتهم حول هذه النقطة المحددة، وتنوعت إجاباتهم التي