الأنفس، حتى عندما لا تستبى الأعين، لكن هنالك أيضًا أشياء أكثر من هذا، فالفضيلة بطبيعتها عاملة ومحركة، فهي تستحثنا أن نعمل كيما نجعل منها واقعًا ملموسًا، على حين لا نرى للإحساس بالجمال، إذا ما رددناه إلى أبسط صوره، أية علاقة بالعمل، وبخاصة عندما لا يكون موضوعه متصلًا بإرادتنا.

ومن ذلك أن إعجابنا بالقدرة الإلهية، أو بعظمة القبة السماوية لا يحملنا على أن نخلق أمثالهما. وشبيه بهذا ما يحدث للفنان عندما يتخيل فكرة عمل يمكن تحقيقه، فإن هذه الفكرة لا تقهره مطلقًا على أن ينفذها، ولكنها تدعوه برفق أن يحققها حين يريد، ومتى أتيح له وقت فراغ. ولو أنها فرضت نفسها على بعضهم، فإنها لا تفرض نفسها على الآخرين بنفس القدر من الضرورة، وهي في كل حال تعبر عن الإحساسات، دون أن تصادمها.

أضف إلى ذلك أن أي نقص يرتكب في عمل فني -قد يصدم الحواس، ولكنه لا يثير الضمائر، ولا يقال: أن مرتكبه قد أحدث عملًا غير أخلاقي.

أما الخير الأخلاقي فبعكس ذلك يتميز بتلك السلطة الآمرة تجاه الجميع، بتلك الضرورة التي يستشعرها كل فرد، أن ينفذ نفس الأمر، أية كانت الحال الراهنة لشعوره، وهي ضرورة تجعل من العصيان أمرًا مقيتًا ومستهجنًا.

ولسوف نرى1 في أي صورة ساق القرآن هذه الضرورة التي يسميها: أمرًا

= imperatif، وكتابة = prescription، وفريضة = devoir.

فإذا ما عرّفنا مبدأ الإلزام, وطرحناه على هذا الوجه -وجب علينا الآن أن نتغلغل أكثر، في معرفة طبيعته، دارسين مصادره، وخصائصه، ومناقضاته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015