...
النظرية الأخلاقية كما يمكن استخلاصها من القرآن:
الفصل الأول: الإلزام
يستند أي مذهب أخلاقي جدير بهذا الاسم -في نهاية الأمر- على فكرة الإلزام l'obligation، فهو القاعدة الأساسية، والمدار، والعنصر النووي الذي يدور حوله كل النظام الأخلاقي، والذي يؤدي فقده إلى سحق جوهر الحكمة العملية ذاته؛ وفناء ماهيتها؛ ذلك أنه إذا لم يعد هناك إلزام فلن تكون هناك مسئولية، وإذا عدمت المسئولية، فلا يمكن أن تعود العدالة؛ وحينئذ تتفشى الفوضى، ويفسد النظام، وتعم الهمجية، لا في مجال الواقع فحسب، بل في مجال القانون أيضًا، وطبقًا لما يسمى بالمبدأ الأخلاقي.
ومن هنا نرى إلى أي اتجاه يريد أن يقودنا بعض أصحاب النظريات المحدثين1.
ومن ناحية أخرى، كيف نتصور قاعدة أخلاقية بدون إلزام؟ أليس هذا تناقضًا في الحدود؟ أم أننا نجعل من الضمير مجرد أداة للتقدير الفني؟
ولكن، أليس بدهيًّا أن علم الأخلاق وعلم الجمال -أمران مختلفان؟
وبمعنى أكثر عمقًا، إذا كان حقًّا أن كل ما هو خير فهو جميل، فهل العكس أيضًا صحيح؟
إن مما لا ريب فيه أن لفكرة الفضيلة جمالها الذاتي، الذي تتذوقه