من مظاهر الولاء المحرم: طاعة الكافرين ومتابعتهم في الكفر -كما ذكرنا- من غير إكراه.
ومن مظاهر الولاء المحرَّم: أن يرفع الصليب مثلاً، أو يعظم كفرهم وباطلهم والعياذ بالله، أو يطيعهم في أن يسب الله عز وجل أو رسوله صلى الله عليه وآله وسلم.
ومن المظاهر: أن يطيعهم في أن يهين المصحف مجاملة لهم، أو أن يخرج من الدين ويقول: إننا سواء بسواء مجاملة لهم، فهذه المتابعة تقتضي طاعةً في الكفر فيكون صاحبها كافراً.
أما إذا أطاعهم في المعصية فذلك على حالين: إما أن يعصي وهو يقر بأنها معصية، ويقر على نفسه بالذنب، فهذا حكمه حكم أصحاب الذنوب، وإما أن يطيعهم أو يتابعهم مع اعتقاد أنهم طالما أمروا أو فعلوا فيلزم متابعتهم حتى ولو خالفوا الشرع، ولا يجوز هذا من مسلم، لكن أن يقول: طالما أني أعمل عنده وأني موظف لديه فلو أمرني بأي شيء فلا بد أن أجيب ولو خالف أمر الله وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمثل هذا إذا استحل مخالفة الشرع، وإذا استحل المعصية، أما لو كان يريد نشر الإباحية في بلاد المسلمين، فهو لو أتيحت له الفرصة لفعل، لكن هو يرى أنه آثم عاصٍ ومقصر، ولو تكرر ذلك منه ولو عزم أن يفعله مرة ثانية، فهذا له حكم أصحاب الذنوب، أما إن كان يقول: هذه هي الحرية والمدنية، هذا هو التقدم، دعوكم من التقاليد البالية التي تقيد هذه المشاعر الإنسانية النبيلة، مثل الحب والعشق والغرام، فهذا كفر بالله تعالى.
ومن مآسي هذه الدعوات أن امرأة فاجرة هربت مع جندي أمريكي وتزوجته في الكنيسة والعياذ بالله! فهاجت الدنيا ولم تقعد! ومع ذلك يقال: ما هذه التقاليد البالية التي تمنع هذه المشاعر النبيلة، ويقصد هؤلاء بالتقاليد البالية المحرمات الشرعية في الدين، وبعضهم يحارب العبادات الشرعية ويسميها: تقاليد، ويعني بذلك الصلاة والطواف بالكعبة وغير ذلك من العبادات، وعندما يرى الملايين من المسلمين يعظمون الكعبة يصاب بحقد فظيع، فمن تابع هؤلاء في ضلالهم، فيعمل المعصية ولا يقر أنها معصية، بل يرى أنها تقدم وحضارة ومدنية، فهو مطيع لهم في الكفر والعياذ بالله؛ لأن هذا قد استحل الكفر، كذلك لو أقر بأن الشرع قد حرم ذلك ولكن قال: إن الشرع لا يلزم هذا الزمان، ونحن في القرن الحادي والعشرين، فكيف نرجع إلى ما كان قبل أربعة عشر قرناً من الزمان؟! نقول: هذا متابعة على الكفر.
كذلك من مظاهر موالاتهم: الصداقة لهم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تصاحب إلا مؤمناً ولا يأكل طعامك إلا تقي)، وقال: (المرء على دينه خليله فلينظر أحدكم من يخالل)، وقال عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا} [آل عمران:118]، أي: لا يقصرون في اضطراب أموركم، قال تعالى: {وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ} [آل عمران:118]،أي: ودوا عنتكم وتعبكم ومشقتكم.
وقال تعالى: {قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ} [آل عمران:118]، يعني: هذه الصداقة يعلنها أولياؤهم علانية، وربما أظهروا الحزن عليهم أعظم مما يحزنون على المسلمين لو ماتوا، بل ربما يقتل في اليوم عشرات وأحياناً مئات من المسلمين ولا يؤبنون بمثل تأبينهم رابين مثلاً، نسأل الله العفو والعافية! هذه كلها مظاهر خطيرة تتسرب إلى المسلمين من حيث لا يشعرون، وكما ذكرت التعلل والستار في ذلك أن الشرع أمر بالبر والقسط، وأن الشرع أمر بالإحسان في المعاملة، ونحو ذلك، وهذا خلل كبير لا بد من الحذر منه، وهذه القضية لا بد أن تدرس تفصيلاً، ولا بد أن يتعلمها كل مسلم وأن يتفقه في دينه، ويعلم ما هي الحقوق وما هي الواجبات، وما هو الولاء الواجب، وما هو البراء الواجب، وما هو الولاء المحرم، وما هو البراء المحرم.
وهذه معظمها من فروض الأعيان خصوصاً ما يتعلق بأمر القلوب.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن ينفعنا بما قلنا وسمعنا، ونسأل الله عز وجل أن يعز الإسلام والمسلمين.
اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا.
اللهم متعنا بأسماعنا وأبصارنا وقواتنا ما أحييتنا، واجعله الوارث منا، واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ولا تسلط علينا بذنوبنا من لا يرحمنا.
نسأل الله عز وجل أن يعز المسلمين في كل مكان، وأن ينصر المسلمين في فلسطين وفي الشيشان، وأن يحفظ المسجد الأقصى ويرده إلى المسلمين.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.