قال الله عز وجل حاكياً عن إبراهيم: {يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا} [مريم:42]، وفي هذا بيان لعجز كل ما يعبد من دون الله، وفقره وحاجته، وأنه لا يغني عن نفسه شيئاً، فكيف يغني عن غيره وهو لا يسمع ولا يبصر؟! وهذه متضمنة لإثبات صفة الكمال لله سبحانه وتعالى، فهو عز وجل السميع البصير، الغني الحميد سبحانه وتعالى.
فأنت تبين أن ما يعبد من دون الله لا يملك شيئاً، فلا يسمع ولا يبصر، ولا يغني عن عابديه شيئاً.
فالبشر الذين يعيشون مدة يسمعون ويبصرون، وليس سمعهم بالسمع المحيط، ولا بصرهم بالبصر المحيط، ثم هم كذلك يموتون فيذهب سمعهم، ويذهب بصرهم، وكانوا قبل ذلك في العدم، ولذا فإن من يعتقد في الأموات السمع والبصر المحيط ويسألهم على ذلك، ويعتقد أنهم يرونه ويجيبونه ويغنون عنه شيئاً، فهو -والعياذ بالله- مشرك بالله العظيم.
فيقال له: ((لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا)).
فالذي يعبد القبور وأصحابها، ويعبد الجن، ويعبد من يعبد من هذه الأوثان التي وضعت لترمز إلى هذه الآلهة الباطلة، فيقال له نفس الحجة: ((لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا)).