قوله تعالى: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [آل عمران:132] إن طاعة الله وطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم ليس كما يقال: إنها تؤدي إلى المفاسد والضنك، أو إلى الشقاء والتعاسة والمتاعب، وإنما هي من أسباب النصر والفلاح، ومن أسباب الرحمة في الدنيا والآخرة، قال تعالى: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) [آل عمران:132] وهذه الرحمة ذكرت مطلقة، فهي رحمة في الدنيا والآخرة، فيرحم الله سبحانه وتعالى من أطاعه وأطاع رسوله صلى الله عليه وسلم، فهل يتصور أن من أقبل على الله عز وجل وأطاعه، وأقبل على رسوله صلى الله عليه وسلم وأطاعه، أن يشقيه الله عز وجل؟ وهل يتصور ذلك من الرحمن الرحيم سبحانه وتعالى؟! أيها المؤمن! مهما حذرت من طاعة الله عز وجل وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، ومن الالتزام بالدين، وما سوف يترتب على ذلك من المتاعب والاضطهاد والأذى، ومن ضياع المصالح الدنيوية، فتأكد أن كل ذلك من خداع الشيطان، فإنك إنما أمرت بهذه الطاعة لترحم، قال تعالى: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [آل عمران:132]، وطاعة الله لا تأتي إلا بالخير، ومعصية الله لا تأتي إلا بالشر، ولا يتصور غير ذلك كما أخبرنا ربنا عز وجل، فهو يبتلي عبده المؤمن ليرحمه، فإذا أصابه بما يؤلمه فإنما فعل ذلك لينعمه وليكرمه وليرفع درجته، وهو سبحانه وتعالى جعل الرحمة مرتبطة بطاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، وجعل الشقاء والضنك لمن أعرض عن ذكره وعن متابعة رسوله صلى الله عليه وسلم، كما قال عز وجل: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} [طه:124].
فكل رحمة وصلت إلى العباد فمن أسبابها طاعة الله عز وجل، وإلا فالرحمة من الله سبحانه وتعالى أكثر من أن يحصيها العباد، ولكن من أعظم أسبابها: الطاعة لله وللرسول صلى الله عليه وسلم، والشقاء الذي يصيبهم من أعظم أسبابه: معصية الله ومعصية الرسول صلى الله عليه وسلم.