جعل الله عز وجل الثواب لإبراهيم عليه السلام على تضحيته بابنه إسماعيل أن وهبه إسحاق ويعقوب نافلة، والله سبحانه وتعالى جعل صحبة أهل الإيمان والصلاح علامة على سعادة الإنسان، وسبباً لرحمته في الدنيا والآخرة، وحصول المغفرة له، والله عز وجل يأمر الأعلى بصحبة الأدنى رغم أنه السبب في هدايته، فكيف بالأدنى الذي يحتاج إلى أن يصحب الأعلى؟! كأمر الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم أن يصبر نفسه مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي، فقال سبحانه وتعالى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} [الكهف:28].
فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم مأموراً أن يصحب الذين هداهم الله به إذا كانوا يريدون وجهه، وهو عليه الصلاة والسلام سبباً في إسلامهم، فما بالك بمن دونه عليه الصلاة والسلام، فالصبر معهم واجب، فيصبر على صحبتهم وعلى معاشرتهم، وهذا أمر من أعظم الأمور أهمية في حياة المؤمن، وإذا كان الأمر كما ذكرنا في حق الأعلى بالنسبة إلى الأدنى، فكيف بصحبة الأدنى لمن هو أعلى منه قدراً؟! فالإنسان دائماً يبحث عمَّن يعاونه على طاعة الله عز وجل، ولا أفضل من صحبة الأخيار، فانظر من تخالل، وانظر من تصاحب؛ فإن الله عز وجل جعل صحبة أنبيائه ورسله غاية مقصودة يطلبها النبيون والصديقون، قال إبراهيم عليه السلام: {رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} [الشعراء:83].
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (اللهم في الرفيق الأعلى) وكان هذا آخر ما مات صلى الله عليه وسلم.
وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يرغب في مجالسة أهل الصلاح، ويحذر من مجالسة أهل الفساد، فيقول: (مثل الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحاً طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحاً خبيثة)، وقال عليه الصلاة والسلام: (لا تصاحب إلا مؤمناً ولا يأكل طعامك إلا تقي).