قال سبحانه وتعالى: ((وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ)) ونلحظ هنا تغير طريقة الخطاب فهو لم يقل: قال لقمان لابنه: أطع والديك أو بر والديك أو استوص بهما خيراً، وإنما ذكرها ربنا سبحانه وتعالى في طريقة الخطاب؛ لأنها خطاب منه عز وجل، وهي ضمن وصية لقمان؛ ولكن لقمان أخرجها في صورة أنها أمر الله عز وجل؛ ليعلم الولد أن بر الوالدين أمر من الله، وأن لقمان لا يأمره ابنه أن يبره لأجل مصلحته أو لأجل حاجته هو، وإنما يأمره بسماع كلامه على أن الله هو الذي أمرك به، وأن الله هو الذي وصاك بوالديك؛ وذلك لكيلا تكون طاعة الولد لوالديه واستيصاؤه خيراً بهما من أجل منفعة ينالها منهما، فلا شك أن الأب والأم هما مصدر النفع الظاهر والضرر الظاهر للولد، ولكن لا بد أن يبرهما رغبة فيما عند الله وطاعة لله عز وجل.
قال تعالى: ((وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ)) وهذا لا بد أن يتفكر فيه الكبير قبل الصغير، وأن يدرك الجميع كم تعبت الأم في حملها ورضاعها لطفلها، وذلك سبب لوجوب شكر هذه النعمة التي أولتها له الأم بفضل الله سبحانه وتعالى.
قال تعالى: ((وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ)) أي: ضعفاً على ضعف.
((وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ)) أي: فطامه في عامين.
قال عز وجل: ((أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ)) والشكر هو: الاعتراف بالنعمة، وقدم الشكر لله؛ لأنه هو الذي خلق هذه النعمة، وهو الذي أوجدها، وهو الذي هيأ الأب والأم وقذف في قلبيهما الرحمة والشفقة والحب لولدهما، وهو عز وجل الذي جعلهما يتحملان كل ذلك بفضله عز وجل.
نسأل الله عز وجل أن يوفقنا وإياكم لما يحب ويرضى، وأقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.