من أعظم أسباب موانع الالتزام سماع الموسيقى المحرمة والأغاني المحرمة، فذلك يمنع فعلاً من الالتزام، وما يسمعه الناس اليوم لا نزاع في حرمته حتى بين من يجيز سماع الآلات، فـ ابن حزم يقول بجواز سماع الموسيقى، وقوله باطل مخالف للحديث، ومع ذلك فهو لا ينازع في أنه إذا أدت ذلك الغناء امرأة متبرجة كاشفة عن عورتها وكان الكلام يدعو إلى الفساد والفحش وذكر الحب والغرام والهيام، وكان ذلك بالخضوع بالقول في حضرة الرجال أن ذلك محرم ممنوع، فما ترون في أغاني اليوم؟! حتى أغاني الرجال صارت كذلك! وهذا المذهب -في حقيقته وهو جواز سماع الموسيقى- باطل مخالف لنص حديث النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: (ليكونن أقوام من أمتي يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف)، فجعل المعازف مقرونة بالخمر والحرير على الرجال، والحر أي الزنا، فدل ذلك على أنها من المحرمات بلا شك، وهو نص في موطن النزاع، والحديث صححه العلماء، والبخاري قد ذكره معلقاً مجزوماً به، وذكره غيره موصولاً، فهو حديث صحيح بلا شك.
وقال صلى الله عليه وسلم: (إنما نهيت عن صوتين أحمقين: صوت عند نعمة، ورنة عند مصيبة) وهي النياحة، فذكر النهي عن هذين معاً، والنياحة معلوم أنها من الكبائر، فالصوت الذي عند النعمة هو صوت الغناء المحرم، واللهو المحرم داخل في الأصوات المنهي عنها، وهو صوت الشيطان الذي قال الله عز وجل عنه: {وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ} [الإسراء:64].
لذلك تجد هذه المجالس كلها فساد -والعياذ بالله-، ولا يختلف العلماء في تحريمها، فابتعد عن هذه الأماكن، وأنت ترى تعظيم هذه الأماكن في وسائل الإفساد من الأفلام والتمثيليات حتى يكون أمل الشباب أن يكون له مال ليذهب إلى هذه الأماكن ليفسد فيها، فيرتكب المحرمات، وربما سرق، أو تاجر في المخدرات، أو اغتصب، أو فعل المنكرات كلها من أجل أن ينال حظاً مما يراه في هذه الأماكن، فترى كل الأفلام الأجنبية لابد من مشهد البار والخمر والملهى الليلي الذي لابد أن ينالوا منه شيئاً.
فليحذر الإنسان من فتح الباب لثغر العين وثغر الأذن بالإضافة إلى ثغر الكلام؛ فاللسان قد يتكلم بالباطل ويسب ويغتاب وينم ويكذب، ويفتخر بالمنكرات والعياذ بالله، ويتحدث بها بعد أن ستره الله، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (كل أمتي معافى إلا المجاهرون)، فاليد والرجل من مداخل الشيطان، وشهوة البطن كذلك، فلا بد أن تأكل الحلال وتجتنب الحرام، ولا تلمس بيدك ولا تبطش ولا تتناول ما حرم الله عز وجل عليك.