روى الإمام أحمد عن البراء بن عازب قال: (جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الرماة يوم أحد وكانوا خمسين رجلاً: عبد الله بن جبير قال: ووضعهم موضعاً، وقال: إن رأيتمونا تخطفنا الطير فلا تبرحوا حتى أرسل إليكم، وإن رأيتمونا ظهرنا على العدو وأوطأناهم فلا تبرحوا حتى أرسل إليكم، قال: فهزموهم، قال: فأنا والله! رأيت النساء يشتددن على الجبل وقد بدت أسواقهن وخلاخلهن رافعات ثيابهن)].
نساء المشركين هند وصاحباتها قد رفعن عن سوقهن لتستطعن الجري.
قال: [(فقال أصحاب عبد الله بن جبير: الغنيمة، أي قوم الغنيمة -أي: يا قوم الغنيمة اذهبوا لجمعها- ظهر أصحابكم فما تنتظرون؟)].
وهذه كانت إرادة الدنيا التي محصهم الله عز وجل بها، فقال: ((مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا)).
قال: [(قال عبد الله بن جبير: أنسيتم ما قاله لكم رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالوا: إنا والله! لنأتين الناس فلنصيبن من الغنيمة، فلما أتوهم صرفت وجوههم فأقبلوا منهزمين -ولا حول ولا قوة إلا بالله- فذلك الذي يدعوهم الرسول صلى الله عليه وسلم في أخراهم، فلم يبق مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا اثنا عشر رجلاً)].
والجيش كان ألفاً، ثلاثمائة عادوا من منتصف الطريق، وأثناء المعركة بقي مع النبي صلى الله عليه وسلم من خلاصة الخلاصة اثنا عشر رجلاً، وهذا أمر عظيم وهائل، فأكثر الصحابة ليسوا حول النبي صلى الله عليه وسلم، وكانت هزيمة ولولا أن الله عز وجل عفا عنهم لاستُؤصِلُوا، وهذا من معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم: أن اثني عشر رجلاً وسط ثلاثة آلاف شخص فلا بد أن يقتلوه، فيمنعه الله عز وجل ويحفظه صلى الله عليه وسلم، وبطولات الصحابة رضي الله عنهم الاثني عشر خصوصاً، سبعة منهم من الأنصار على الأقل غير خافية.