قال الإمام ابن كثير رحمه الله تعالى: المراد بهذه الوقعة يوم أحد عند الجمهور، قاله ابن عباس والحسن وقتادة والسدي وغير واحد، وعن الحسن البصري: المراد بذلك يوم الأحزاب، رواه ابن جرير، وهو غريب لا يعول عليه.
وصدق في ذلك؛ لأنه لا وجه للقول بأن هذه الآية المراد بها يوم الأحزاب، ولو كان الأمر كذلك لذكرت في سورة الأحزاب، والقصة معلومة أنها في سياق غزوة أحد.
قال: وكانت وقعة أحد يوم السبت من شوال سنة ثلاث من الهجرة، قال قتادة: لإحدى عشرة ليلة خلت من شوال، وقال عكرمة: يوم السبت للنصف من شوال، فالله أعلم، وكان سببها: أن المشركين حين قتل من قتل من أشرافهم يوم بدر وسلمت العير بما فيها من التجارة التي كانت مع أبي سفيان، فلما رجع قفلهم -يعني: العائدين- إلى مكة قال أبناء من قتل ورؤساء من بقي لـ أبي سفيان: أرصد هذه الأموال لقتال محمد، فأنفقوها في ذلك، يعني: أنهم أنفقوا في عزوة أحد أموال القافلة التي نجت، والتي كانت سبباً لحصول غزوة بدر؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم خرج كي يأخذ هذه القافلة، فقدر الله نجاة القافلة ووقوع وقعة بدر مع جيش المشركين، فجعلوا هذه الأموال لقتال النبي صلى الله عليه وسلم، وفيها أنزل الله عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ * لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [الأنفال:36 - 37]، وقد كان.