قال الله عز وجل: ((يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ)): هذه صفة الأنصار، أي: حب من هاجر إليهم في الله، وكلهم كان يحب بعضهم بعضاً.
والحب في الله، والبغض فيه أوثق عرى الإيمان، وهي الصفة الأساسية التي قام عليها المجتمع المسلم الأول، وبها يجد الإنسان حلاوة الإيمان، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: (ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار).
ووصف الله أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم في التوراة فقال: ((مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا)).
وكما قال عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ} [المائدة:54].
فصفة الحب في الله لا بد أن توجد بيننا، وأن يكون لنا منها أوفر نصيب، فإذا وجدت بيننا زالت وحشة الغربة التي يشعر بها كل ملتزم، يشعر بها عندما يكون وسط من لا يلتزم بطاعة الله سبحانه وتعالى، وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم.
صفة الحب في الله تخفف أعباء وثقل وآلام المتاعب التي يتعرض لها المسلم حين يكون بعيداً وحيداً مطارداً، فإذا وجد من يحبه في الله هان عليه الأمر، وسهل عليه أن يثبت على الدين، ولذلك لا بد أن تتقوى العلاقات فيما بيننا، وأن نصدق في تحصيل صفة الحب في الله عز وجل، وذلك بأن نستحضر الأعمال الصالحة التي من أجلها نحب أهل الإيمان، وأن نتحاب في الله سبحانه وتعالى؛ حتى نذوق حلاوة الإيمان، التي تخفف عنا مرارة وآلام المخاض الذي يكون قبل شروق الشمس وظهور الدين، فهناك متاعب وآلام تزول أو تخف جداً بحيث لا يشعر الإنسان بها حين يجد من يحبه في الله.