أنفقوا أموالهم في سبيل الله، فمنهم من أنفق ماله كله كـ أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وكان يقول للنبي صلى الله عليه وسلم: تركت لهم الله ورسوله، لذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن أمنَّ الناس علي في نفسه وماله أبو بكر) رضي الله عنه، ويقول: (وكل أحد كافأناه بها إلا أبا بكر فإن له عندنا يداً يجزيه الله بها يوم القيامة) رضي الله تعالى عنهم أجمعين.
والنبي صلى الله عليه وسلم كان يصبر أصحابه بأنه لا يخشى عليهم الفقر، مع أنهم كانوا في شدة الحاجة فيصبرهم النبي صلى الله عليه وسلم ويقول لهم: (والله ما الفقر أخشى عليكم ولكن أخشى أن تفتح عليكم الدنيا كما فتحت على من قبلكم فتنافسوها كما تنافسها من قبلكم فتهلككم كما أهلكتهم).
خطب عتبة بن غزوان رضي الله عنه فقال: ولقد رأيتني سابع سبعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مالنا طعام إلا ورق الشجر، فالتقطت بردة فاتزرت بنصفها، واتزر سعد بنصفها، قال: ما أصبح كل واحد منا إلا أميراً على مصر من هذه الأمصار، وإني أعوذ بالله أن أكون في نفسي عظيماً وعند الله حقيراً.
رضي الله تعالى عنهم.
انظر كيف كان حالهم؟ ليس لهم طعام إلا ورق الشجر، وتحملوا هذا فعلاً في سبيل الله، وصبروا على الفقر، ولذا يدخل فقراء المهاجرين الجنة قبل الأغنياء بخمسمائة عام، رضي الله تعالى عنهم وفي الحديث: (رب أشعث أغبر مدفوع بالأبواب، لو أقسم على الله لأبره)، ربما الواحد منا الآن لا يستطيع أن يتحمل مخالفة عادته في الأكل والشرب أو المنام، انظر ماذا يصنع الناس في الحج وهو لا جهاد فيه ولا شوكة، وأن ينام الإنسان جزءاً من ليلة في مزدلفة مثلاً على غير فراش بالعراء شيء يسير، وتجد أكثر الناس يتركون المنزل ولا يتحملون إلا ربع ساعة، أو نصف ساعة، أو ساعتين على الأكثر، وقلة هي من تحتمل ذلك إلا ما شاء الله سبحانه وتعالى.
وكذلك المبيت بمنى مثلاً، فالناس لا يتحملون مخالفة العادة في الأكل والشرب؛ التي تعودوا عليها، فهل نحن فعلاً مستعدون للتضحية بالأموال والأنفس والثمرات، فضلاً عن تحمل الخوف؟!