من الشبه التي طرحوها أنهم خالفوا العادات والتقاليد، وأنهم يريدون أن يغيروا دين الآباء، قال تعالى: ((تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا)).
وتغيير العادات والتقاليد هو أعظم جريمة عند الناس، وكونهم يخرجون على ما كان عليه الآباء والأجداد، وعلى تقاليد المجتمع الذي نشأوا فيه، فكانت هذه الشبهة الباطلة هي أعظم ما يكفر به أكثر الناس، كما أنها هي الشبهة التي بسببها كفر أبو طالب وظل على كفره مراعاة لها، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوه ويقول: (يا عم! قل: لا إله إلا الله، كلمة أحاج لك بها عند الله)، وأبو جهل وعبد الله بن أمية على رأسه، يقولان له: أترغب عن ملة عبد المطلب، فكان آخر ما قال: هو على ملة عبد المطلب، مع أنه يعلم صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويعلم أن دينه خير دين، ويقول له: لولا أن يقول الناس: حمله على ذلك الجزع لأقررت بها عيناك.
فالنظم الموروثة، والتقاليد التي نشأوا عليها، وعدم مخالفة دين الآباء، كل ذلك قاله فرعون للصد عن دعوة موسى، قال: {إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الأَرْضِ الْفَسَادَ} [غافر:26].
وهكذا دائماً كل طاغية لا يقبل أن يكون هناك تغيير ولا تعديل للباطل الذي نشأ عليه، مع أنه ليس عنده دليل عليه، ولا حجة لديه، وإنما هو التقليد الأعمى، والعياذ بالله.