يخبر الله سبحانه وتعالى عن غناه وحمده الذي ذكر موسى به قومه والناس جميعاً، فقال: {إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ * أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [إبراهيم:8 - 9].
وهذا إما خطاب من موسى عليه الصلاة والسلام لقومه، أو كلام مستأنف وهو خطاب من الله عز وجل لمن كان معاصراً للنبي صلى الله عليه وسلم ولمن بعده: ((أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ))، كم من الأجيال والقرون مضت؟! وكم من العقوبات نزلت؟! وكم من الناس تصارعوا؟! وكل ذلك أين هو الآن؟! كما رحلوا هم سنرحل نحن أيضاً وسيرحل أعداؤنا، وسنقف جميعاً بين يدي الله سبحانه وتعالى، نحن وإياكم سنموت؛ فما أفلح عند القيامة من ندم.
قال تعالى: ((وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ))، أي: النسابون يعلمون من بعد هؤلاء على وجه اليقين؛ ولذلك نفوض علمهم إلى الله سبحانه وتعالى، ولكن الفائدة ليست في الأشخاص والأمكنة والأزمنة، ولا عدد القرون، ولكن الفائدة هي في طبيعة هذا الصراع الذي دار وحصل ويحدث مثله في كل عصر وفي كل حين.