بين سبحانه وتعالى ما يجب على المسلمين في مواجهة عدوهم فقال: ((فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ)) أي: أكثرتم فيهم القتل، ((فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً)) أي: حسب ما يرى المسلمون وخليفتهم من المصلحة، فإما أن يمن، وإما أن يفدي بمال أو بأسرى من أسرى المسلمين، وهناك اختيارات أخرى وردت في أدلة من الكتاب والسنة يخير الإمام فيها تخيير مصلحة كأن يقتلهم، كما قال سبحانه في أسرى بدر: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ) [الأنفال:67]، وقد قتل النبي صلى الله عليه وسلم عقبة بن أبي معيط، وابن خطل وبعض أسرى المشركين، ومنَّ النبي صلى الله عليه وسلم على من رأى أن المصلحة في المن عليه كـ ثمامة بن أثال رضي الله عنه، وكان ذلك سبباً في إسلامه، ومنَّ على أهل مكة وأطلقهم وحسن إسلام أكثرهم، ومن لم يحسن إسلامه عند الإطلاق حسن إسلامه بعد ذلك لما رأى من الآيات، ولذا فإنهم استمروا على الإسلام والتوحيد بعد أن ارتد عامة أهل جزيرة العرب، أو منعوا الزكاة، ولم يبق من يعبد الله سبحانه وتعالى إلا في مكة والمدينة، وفي مسجد عبد القيس في البحرين، فكان ذلك الذي وقع من المن من رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم في موضع الخير.
ويجوز للإمام أن يضرب عليهم الجزية ويجعلهم أهل ذمة، أو يسترقهم، وهذا مذكور بأدلته في مواضعه، هذا في الرجال، وأما النساء والصبيان فلا يجوز قتلهم، وكذا إذا أسلم أحد من الرجال سقط خيار القتل، وبقيت بقية الخيارات، والله سبحانه وتعالى جعل ذلك للإمام ينظر فيه بالتشاور مع أهل الحل والعقد؛ ليفعل فيه بالمصلحة.