هناك من أعمال القلوب ما قد تضعف في قلب الإنسان ولا تزول إلا بزوال الإيمان بالكلية، وإنما يعرف ذلك بتصريح صاحبها بما يدل على زوالها، أو بأعمال لا تحتمل تأويلاً غير الكفر، كمن يقتل نبياً من الأنبياء أو يقاتله ويسعى في قتله، أو من يصرح بأنه يحارب أهل الإسلام؛ لأجل التزامهم بطاعة الله عز وجل، كما ذكرنا عن هؤلاء المنافقين؛ فإنهم ذموا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأجل امتثالهم لأوامره، فكذلك من عادى مصلياً لصلاته، أو عادى صائماً لصيامه، أو عادى قارئاً للقرآن وأبغضه لأجل قراءته وصرح بذلك، أو أنه جعل ذلك لنفسه سنة مستمرة ماضية على الدوام، بحيث يكون كل من أطاع الله عز وجل يعاقب عنده، فإن ذلك -والعياذ بالله- محاربة لله عز وجل، وبغض لما أنزله، ومن أبغض ما أنزله الله وكرهه فقد حبط عمله وزال إيمانه، كما قال عز وجل: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} [محمد:9].
فكل من أبغض ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، وأبغض من فعله لأجل أنه فعله، فإنه لا يكون مؤمناً؛ لزوال عمل القلب الذي هو ركن من أركان الإيمان، ولا يتحقق الإيمان إلا به، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من قال: لا إله إلا الله خالصاً من قلبه دخل الجنة)، فأما من قالها رياء وسمعةً فهو من المنافقين الذين هم في الدرك الأسفل من النار، فما تنفعهم شهادة التوحيد، قال عز وجل: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} [المنافقون:1].