لا أدري ما السبب! لعله الخلاف الذي حصل بينك وبين إخوانك، اختلفت معهم في وجهة نظر، اختلفت معهم في أمر ما، ثم تركتهم وشأنهم، قلت: هؤلاء لا يصلحون في الدعوة إلى الله، إذاً ما بالك أنت لا تدعو إلى الله لوحدك؟ لماذا لا تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر؟ يقول يونس الثقفي رحمه الله: ما أعقل الشافعي! ناظرته يوماً من الأيام، فلم نتفق يقول: فافترقنا، فلقيني يوماً من الأيام، فأمسك بيدي، فقال لي: يا أبا موسى! ألا يستقيم أن نكون إخواناً ولو لم نتفق في مسألة، لماذا لا نكون إخواناً ولو اختلفنا في كل مسألة، ولو اختلفنا في وجهات النظر، بما أن الأمر لم يرد فيه نص، ولم يحكم فيه شرع، ما بالنا لا نختلف؟! ألم يختلف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! هل وجدت اثنين يتفقان في كل مسألة من مسائل الدين؟!
لعلك لا تجدهما، لنختلف لكن ليعذر بعضنا بعضاً إن لم يرد هناك نص، ولم يحكم بهذا شرع، ينصح بعضنا بعضاً، وينكر بعضنا على بعض، لكن نجلس مع بعضنا، وتصفى القلوب، وتصفى الأفئدة، ويستقيم بعضنا مع بعض، ويذكر بعضنا بعضاً، لكن إن اختلفنا في كل مسألة، وكل منا ترك أخاه، وكل منا افترق مع أخيه، لن تجد أخوين يجلسان مع بعضهما البعض.