صبره في المصائب والإحن

خرج إلى الدنيا يتيماً لم يرَ أباه، ماتت أمه وهو صغير لم يبلغ الحلم، تربى عند جده، فلما مات جده ثم تربى عند عمه، فلما شب واستقام، دعا إلى الله ونصره أبو طالب الذي مات ولم يُسلم، احترق قلب النبي صلى الله عليه وسلم عليه، استغفر له اللهَ، فمنعه اللهُ جل وعلا.

تزوج من خديجة فإذا به يحبها كأشد ما يحب إنسان امرأته على وجه الأرض، ولكنها غادرت الدنيا وفارقته، وتُرك في هذه الدنيا بين مستهزئ وساخر، وشاتم وضارب، انظر ماذا يقول الشاعر فيه:

ولَّى أبوك عن الدنيا ولم تره وأنت مرتهن لا زلت في الرحمِ

وماتت الأم لما أن أنست بها ولم تكن حين ولَّت بالغ الحلمِ

ومات جدك من بعد الولوع به فكنت من بعدهم في ذروة اليتمِ

فجاء عمك حصناً تستكن به فاختاره الموت والأعداء في الأجمِ

ترمى وتؤذى بأصناف العذاب فما رُئيت في ثوب جبار ومنتقمِ

حتى على كتفيك الطاهرَينِ رموا سلى الجزور بكف المشرك القزمِ

أما خديجة من أعطتك بهجتها وألبستك رداء العطف والكرمِ

ولت إلى جنة الباري ورحمته فأسلمتك لجرح غير ملتئمِ

وشج وجهك ثم الجيش في أحد يعود ما بين مقتول ومنهزمِ

لما رزقت بإبراهيم وامتلأت به حياتك بات الأمر كالعدمِ

ورغم تلك الرزايا والخطوب وما رأيت من لوعة كبرى ومن ألمِ

ما كنت تحمل إلا قلب محتسب في عزم مفتقد في وجه مبتسمِ

صلى الله عليه وعلى آله وسلم، انظروا كيف صبر، فكيف لا نحبه؟ أوذي وصبر لأجل من؟ لولا صبره، لولا تحمله، لولا جهاده عليه الصلاة والسلام لكان الواحد منا الآن يعبد ماذا؟ يتأسى بمن؟ ينتهج أي دين؟ ماذا يكون مصيرنا؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015