آخر قصة: قصة غلام سمع رجلاً يحث على الجهاد في سبيل الله، فلما انتهى من الخطبة قال: يا شيخ! أريد الجهاد، قال: أنت صغير، قال: والله لتحملني معك، أقسم بالله لتأخذني للجهاد معك، فأجابه وأردفه على دابته وسار، وقبل أن يسير جاءته امرأة وقالت: يا شيخ ليس عندي شيء أتبرع فيه إلا هذا الظرف، فلما فتح الظرف وجد فيه ظفيرة المرأة؛ شعرها، لا تملك من الدنيا إلا شعرها، وليس عندها مال، تقول: وكتبت له رسالة، أسألك أن تجعل ظفيرتيَّ رباطاً لفرسك.
هل عند المرأة شيء أغلى من شعرها، قطعت الشعر ليجعل رباطاً للفرس، ذهب الشيخ ومعه الغلام الصغير، أثناء المعركة بدأت المعركة وبداءوا يترامون بالسهام والنبال، قال الغلام للشيخ: يا شيخ! أعطني السهام، قال: أنت صغير، قال: أعطني، فأعطاه ثلاثة أسهم، فرمى بالسهم الأول وقال: بسم الله فرمى نصرانياً وقتله، وكذا الثاني والثالث، ولما اشتدت المعركة رمي الغلام بسهم فأصيب، وسقط من أعلى الدابة، ونزل الشيخ ينظر إلى الغلام، وهو الآن يحتضر والدم يسيل منه، فقال له: أتريد شيئاً؟ قال: نعم، أبلغ سلامي على أمي وأخبرها بخبري، قال الشيخ للغلام: يا غلام وما أدراني من هي أمك؟ قال: أمي صاحبة الظفيرتين -أرأيت إلى أمهات ذلك الزمن، ابنها وشعرها- قال الشيخ للغلام: يا غلام أذكرك العهد الذي بيني وبينك، ومات الغلام، فلما رجع الشيخ إلى البلد، طرق الباب، وفتحت أخت الغلام، قالت: أتبشرنا، قال: نعم أبشركم بموت ولدكم، قالت: إنا لله وإنا إليه راجعون! مات أبي فاحتسبناه عند الله، وقتل أخي الكبير فاحتسبناه عند الله، والآن يموت أخي الصغير ونحتسبه عند الله.
دين الله جل وعلا يحتاج إلى أولئك الذين يتنبهون لدينهم، ويحفظون دينهم وينشرونه في الآفاق، فماذا صنعنا لهذا الدين؟
أسأل الله تبارك وتعالى أن ينفعنا بما تكلمنا وذكرناه في هذا الدرس، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
وأشكر في النهاية النادي العلمي القطري على هذا المجهود الكبير الذي أرجو من الله عز وجل أن تحذو جميع النوادي حذوهم وجزاهم الله كل خير.