الإمام أحمد جالس في درس، دخل عليه أحد الشعراء فأخبره بشعر، ثم ذهب، فقام الإمام أحمد من المجلس وأغلق على نفسه الباب، والطلبة ينتظرون فلم يخرج الإمام أحمد، فذهبوا إلى الغرفة فإذا الإمام أحمد يبكي لما ورد في الشعر، وأخذ يردده ويبكي، ما هو هذا الشعر؟
إذا ما خلوت الدهر يوماً فلا تقل خلوت ولكن قل عليّ رقيب
ولا تحسبن الله يغفل ساعة ولا أن ما تخفيه عنه يغيب
لهونا لعمر الله حتى تتابعت ذنوب على آثارهن ذنوب
فيا ليت أن الله يغفر ما مضى ويأذن في توباتنا فنتوب
هذا حال الإمام أحمد، فكيف بالذي يجلس أمام النساء ويكلمهن، ووقته مع الفضائيات، والأفلام الخليعة، ويفعل ويفعل، وسيارته امتلأت بأشرطة الأغاني والطرب، وإن سألته من أحب الناس إليك؟ قال: الممثلة الفلانية، والمطربة الفلانية، ولا يدري المسكين أن المرء يحشر مع من أحب، تريد أن تحشر مع من؟ مع محمد عليه الصلاة والسلام، مع إبراهيم وموسى وعيسى، مع أبي بكر وعمر، وعثمان وعلي، وطلحة بن عبيد الله وبلال، أم مع تلك المغنية الساقطة، أو الراقصة الفاجرة، أو الممثلة الخليعة، تريد أن تحشر مع من؟ أجب على نفسك بهذا السؤال، أجب وكن صادقاً مع نفسك: (يحشر المرء مع من أحب).
والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (من يضمن لي ما بين لحييه وفخذيه أضمن له الجنة) حديث صحيح، وأكثر ما يدخل الناس النار هو الفم والفرج، إذاً اتق الله وانتبه.
يقول أحد اليهود، وكان صادقاً في هذه الكلمات: نحن اليهود لسنا إلا سادت العالم ومفسديه ومحركي الفتن فيه وجلّابيه.
هل كذب في هذا العصر؟ والله صدق، هم يسوسون العالم طبعاً بأمر الله، نعم كتبت عليهم الذلة إلا بحبل من الله وحبل من الناس، هم الذين تركوهم يفعلون هذا الأمر، قال: ومحركي الفتن.
تظنون هذه أكثر الفضائيات الخليعة، ووسائل الدمار في الإنترنت، وبعض المخدرات التي تبث في العالم، تظنون من وراء هذا كله؟ لو رجعت لوجدت الأمر أو المصدر الأساسي اليهود في العالم كله، يغرقون المسلمين بهذا.
وأسامة بن زيد هذا الشاب عمره سبعة عشر عاماً يقود جيشاً فيه أبو بكر وعمر، أين شباب المسلمين في هذا الزمن؟ {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً} [الأحزاب:23].
رأيت في أفلام عن البوسنة شباباً أعمارهم أقل من العشرين سنة والله رأيت أحدهم في الفيلم المصور مقتول يدفن وهو مبتسم، ووالله أنت لمّا ترى هذا المشهد تدمع عينك وتأسف على حالك، وتقول: والله فازوا.
هذا عبد الله بن حرام يطعن، ثم أخذ الدم ومسح به على وجهه، وقال: الله أكبر، فزت ورب الكعبة ثم يموت.
انظروا إلى الأوائل وانظروا إلينا، أولئك يموتون لنصر دين الله، وهؤلاء يموتون في إبرة مخدر، قال الله: {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} [القلم:35 - 36].
من وسائل الحرب على الشباب والشابات في هذا الزمن: أن يؤثر الناس على المسلمين في الحضارات الغربية، حتى صوروا الحضارة الغربية ألا عيب فيها، ولا شيء سيئ في هذه الحضارات، حتى صار الشباب اليوم يتأثرون بالملابس وباللغة، يتكلمون كلمات ليست إسلامية، سلامهم وتحيتهم ليست إسلامية، ملابسهم تغيرت، شعورهم تغيرت، أحاديثهم تغيرت، مجالسهم تغيرت، ما الذي حدث؟ ما الذي جرى؟ تأثروا بالحضارات الغربية: {أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [المائدة:51].
بعضهم يفتخر: أنا ولدي يدرس في مدرسة إنجليزية، يفتخر ويعرف أنه اختلاط، وتضييع هوية الولد، ويحتفلون بأعياد النصارى وبرأس السنة، بل يضعون الصليب على بعض احتفالاتهم، يفتخر: أنا ولدي يدرس في مدرسة إنجليزية، أو يفتخر لأنه يقيم في بلاد الكفر، يفتخر لأن لهجته الآن ليست عربية، يفتخر أنه يتعلم لغات ليست لغات عربية وإسلامية.