اسمع -يا عبد الله- إلى الحسن البصري عليه رحمة الله: قام ليلة من الليالي فزعاً من نومه فأخذ يبكي! ما الذي جرى؟ ما الذي حدث؟ يبكي بكاءً شديداً حتى أبكى أهل الدار جميعاً، فلما هدأ قالوا: ما لك يرحمك الله؟
قال: ذكرت ذنباً لي فبكيت، قال الله -جلَّ وعلا- عن أحوال هؤلاء لأنهم تدبروا تلك الآيات أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} [الأنعام:15] أرأيت مؤشر الإيمان! ذنب يبكيه ليلة كاملة، ونحن -والله المستعان- إلا من رحم الله ذنوبنا تترا، وآثام ومعاصٍ؛ بل حتى الكبائر والرجل يضحك ويلعب علامَ تلعب؟! ولِمَ تضحك وتلهو وأنت تعصي الله جلَّ وعلا؟ {قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي} [الأنعام:15] مِمَّ تخاف؟ ومِمَّ تخشى؟ {عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} [الأنعام:15].
هذا الحسن البصري أتعرف كيف كان يعيش؟
كان هذا الرجل يروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث: (يخرج من النار رجل بعد ألف عام) تُرى يا عبد الله! لو حُكِيْتَ هذا الخبر ماذا تقول؟ أعوذ بالله! ألف سنة يمكث في النار؟ ونار الآخرة ضُعِّفت عن نار الدنيا بسبعين مرة، ويأكلون فيها الزقوم، والغسلين، والغساق، والصديد، والحميم أعوذ بالله! {لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاش} [الأعراف:41] ألف سنة في هذه النار أتعرف ماذا قال الحسن البصري؟ قال: [يا ليتني أكون هذا الرجل] المهم أنني أخرج من النار، ولو كان بعد ألف عام.
اسمع -يا عبد الله- ماذا يُروَى عن الحسن البصري! يقال: إن النار كأنها لم تخلق إلا له، من بكائه وخوفه من الله، ومن قوة إيمانه.