الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.
أما بعد:
عباد الله! حاطب بن أبي بلتعة، لما تأكد رسول الله صلى الله عليه وسلم من الخبر وتثبت منه، جاء إليه فقال له: (يا حاطب) انظر إلى التبين والتثبت من الأمر بعد أن تأكد أنه قاله، وقرأ الكتاب قال: (يا حاطب! ما الذي حملك على ما صنعت؟) ما هي نيتك؟ ما هو قصدك؟ الأمر خطأ، والبدعة بدعة، ولكن باتهام الناس ما الذي حملك على ما صنعت؟ ما الذي حملك على ما قلت؟ ما الذي حملك على ما كتبت؟ ما الذي حملك على ما وزعت؟ نعم.
الخطأ يبقى خطأ، والبدعة تبقى بدعة، والمعصية تظل معصية، ولكن الحكم على الناس يحتاج إلى تبين وتثبت.
خالد بن الوليد في إحدى المعارك: فقتل رجل من المسلمين أحدَ الكفار، والسنة أنه إذا قتله فإنه يأخذ سلبه، أي: يأخذ ما معه من سلاح وما يحمل من غنيمة فيكون له، وقد دل على هذا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء خالد فمنع هذا المسلم من أخذ سلب الكافر، وهذا خطأ فأتى النبي صلى الله عليه وسلم إلى خالد، فقال له بعد أن تثبت وتأكد من الخبر، قال: (يا خالد! ما حملك على ما صنعت؟) ما قصدك من هذا الذي فعلت؟ ما نيتك عندما فعلت هذا الفعل؟ فقال: يا رسول الله! قد استكثرته، أي: قد استكثرت ما معه من سلب؛ نيته وقصده أن يخفف الحكم عليه يا عباد الله!