الثغرة الثالثة: انتشار المنكرات والمعاصي في البيوت.
وسوف نسرد بعض المنكرات وتخيل بيتك وتذكر، وتجول في الغرف؛ لتنظر هل هذه المنكرات توجد فيه، ولعل المنكرات لا تعد ولا تُحصى ولكن هذه بعضها:
أول المنكرات وهي من أعظمها وأشدها: اختلاط النساء بالرجال، ودخول غير المحارم على النساء.
قال عليه الصلاة والسلام: (إياكم والدخول على النساء! قال رجل من الأنصار: يا رسول الله! أرأيت الحمو؟ -يعني قريب الزوجة أو قريب الزوج- قال: الحمو الموت) أي: الحمو بمثابة الموت.
انظر ماذا يحدث في بيوتنا؟
وتذكر من يدخل على أخواتك؟
هل يدخل عليهن من ليس بمحرمٍ لهن؟
من يدخل على أمك؟ من يدخل على زوجتك؟ من يدخل على بناتك؟
هل يدخل عليهن من ليس بمحرمٍ لهن ويختلي بهن وهن بغير حجاب؟
قال الله تعالى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} [الأحزاب:53] أتعرف فيمن نزلت؟ لقد نزلت في أزواج النبي صلى الله عليه وسلم في الصحابيات العفيفات الطاهرات، فكيف بك أنت وكيف بنا نحن في هذه العصور التي كثرت فيها المعاصي وانتشرت؟!
ثانياً من المنكرات: السائقين والخادمات.
وفي ذلك من المنكرات ما الله بها عليم، واسمع إلى الحديث وكفى بهذا الحديث عبرة، يقول أبو هريرة وزيد بن خالد: (كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فقام رجل فقال: أنشدك الله -يسأل رسول الله- إلا قضيت بيننا بكتاب الله فقام خصمه وكان أفقه منه، فقال يا رسول الله: إن ابني كان عسيفاً عند هذا) أي: خادماً عند هذا، انظروا إلى خطورة الخدم والسائقين والخادمات، ودخولهم إلى البيوت بغير حرمة وبغير استئذان.
قال: (إن ابني كان عسيفاً عند هذا -يعني خادماً- قال: فزنا بامرأته) أتعرف هذه القصة فيمن نزلت؟ وأين وقعت؟ في عهد رسول الله (قال: فزنا بامرأته فافتديت ابني منه بمائة شاة وخادم) حتى أحل المشكلة ويسكت أعطيته مائة شاة وخادم، والآن ماذا يحدث؟
إذا زنا ابنه بالخادمة ماذا يفعل؟
يسكتها ببعض المال ويرسلها إلى بعض الدول لتقتل الولد الذي حملت به، فيجمع بين الزنا والقتل ثم يرسلها إلى بلدها، انظر إلى الجرائم التي تحدث في بيوت المسلمين بسبب خادمة تأتي بغير حاجة، وتختلط مع أهل البيت بغير ضرورة، وبغير حاجة، وبغير ضوابط.
قال: (ثم سألت رجالاً من أهل العلم فأخبروني أنما على ابني جلد مائة وتغريب عام، وعلى امرأته الرجم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله -لا مجاملة، حكم الله ينزل- قال: المائة شاة والخادم رد عليك -رجع له المائة الشاة والخادم، لأن ذلك ليس حكم الله- قال: وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام لا مجادلة فيها ولا مجاملة، ابنك يجلد مائة جلدة ويطرد سنة كاملة- قال: واغدُ يا أنيس على امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها، فذهب أنيس إلى تلك المرأة فاعترفت فرجمها) رواه البخاري.
فانظر ماذا يحدث مع السائقين!
عبد الله! تخرج أختك مع السائقين لوحدها، أليست خلوة؟
أليس الشيطان ثالثهما؟ ثم تسأل بعدها: أختي لم تلتزم؟ زوجتي لم تصلح؟
ألا تسأل ابنك: لِمَ يجلس في البيت والخادمة موجودة؟
ألم تحاسب الخادمة: كيف تخرج متبرجة؟
من الذي أجاز لك أن تستقدم الخادمة ثم ترسلها بين المسلمين عارية متكشفة؟ من الذي أباح لك هذا؟
من الذي أجاز لك أن تأتي بكافرة إلى بلاد المسلمين؟
عبد الله! إن في الخادمات والسائقين والخدم خطورة لا يعلم بها إلا من عرفها.
ثالثاً: من المنكرات: التلفاز.
الشاشة، مدمرة البيوت، ومفسدة الأخلاق، والله إن في الشاشة لأخطار لا يعرف حقيقتها إلا من عرف دين الله، وعرف شرع الله، وذلك في العقيدة، يجلس الأبناء أمام التلفاز فماذا يرون؟
يرون النصارى واليهود، ويحبون هذا الممثل، وتلك الممثلة، وهذا اللاعب، وتلك المطربة، وهم نصارى ويهود، وبعد هذا يهدم الولاء والبراء من نفوسهم.
ماذا يرون؟
الصليب يمسح على مريض فإذا به يُشفى، سبحان الله صغار سن! ماذا يرون؟
تأتي الراهبة تخرج من الكنيسة، فتذهب إلى ذلك الميت تقرأ عليه فإذا به يحيا، سبحان الله! ما الذي يرون؟
يرون رجلاً يموت فتذهب روحه إلى السماء، فتأتي إلى الذي يحاسبه من؟
الله!! فينظر الطفل إلى الرب يحاسبه ماذا يفعل.
يرسله إلى الجنة أو إلى النار!! سبحان الله! ما الذي سوف يُغرس في قلوب هؤلاء الأولاد، تظن عبد الله أنك سوف تعلمه العقيدة؟ أي عقيدة؟
ومن أخطاره في الاجتماع، انظر كيف يؤثر التلفاز على روابطنا الاجتماعية! التلفاز يدعو إلى الجريمة، من الذي علم أولئك الأولاد كيف يسرقون؟
أم كيف يغتصبون؟
أم كيف يضربون ويبطشون؟
أم كيف يقتلون؟ أم كيف يفعلون ويفعلون؟
من الذي دربهم وعلمهم شيئاً فشيئاً خطوة فخطوة إنه التلفاز، ونحن لا نشعر، ونقول: إذا أخرجنا التلفاز فكيف يقضون الأوقات؟ مساكين ما عندهم شيء غير هذا التلفاز.
كذلك أخلاقياً، ما الذي يثير شهوة البنت؟ أختك، أتعرف ماذا ترى؟ ترى العراة وشبه العراة في كل ليلة.
تخيل عبد الله أن أختك أو زوجتك ترى هذا المنظر! أو أن أمك رأت ذلك المنظر! هل تتحمل تلك الشاشة؟ أم تملكك نفسك؟
عبد الله أين الغيرة؟ أين الشهامة؟ أين الرجولة وزوجتك وأختك وأهل بيتك ينظرون إلى العراة، وإلى شبه العراة في كل ليلة، وأنت ساكت، وأنت لا تبالي، وبعد هذا تقول: فسد البيت، فسد البيت، وانتشرت المنكرات، ولم يستمع إلى نصحي أحد؟؟
أيضاً: في الإجازة كيف يستطيعون أن يصلوا الفجر وهم يسهرون على التلفاز؟
انظروا ماذا يحدث في النساء إذا أراد الرجل أن يتزوج عليها، ماذا تقول؟
تقول: الزواج من المرأة الأخرى ظلم، وتعدي ولا يجوز، وهذا حرام، وهذا رجلٌ ظالم، من الذي علمها؟
ومن الذي أفسد عقيدتها وعبادتها؟
إنه التلفاز وأنت لا تشعر يا عبد الله.
وتاريخياً: يفسد التاريخ، ويكذب على الناس وكم كذب عليهم! وصحياً: يضعف البصر والجسد، ومالياً: يرهق رب الأسرة، التلفاز يتبعه جهاز الفيديو، وبعده الأشرطة، وبعدها التصليح، وبعده يريدون جهازاً أكبر، ثم البث المباشر وما أدراك ما البث المباشر؟ ونترك هذا فكلٌ منكم يعرف خطورته.
أيضاً: من المنكرات يا عبد الله! الهاتف.
يقول أحد المصلحين: ما مررت على جريمة إلا وكان الهاتف وسيطاً فيها، الزنا، السرقة، حتى الأعراض، الهروب من البيت، المخدرات، المسكرات.
يا مسكين! يرفع رجلٌ سماعة الهاتف، أين فلان؟
صاحبه، من الذي ترد عليه؟
أختك، أو زوجتك، فلان ليس هنا، وبعضهن نسأل الله العافية ترقق صوتها وتجمله، والذي في قلبه مرضٌ يطمع، فيتصل بعد فترة ويقول: أين فلان؟
فتقول: غير موجود، فيقول: إذا أتى قولي له فلان اتصل عليك، ثم المرة الثالثة، ويسأل المرة الرابعة: أين ذهب؟ متى ذهب؟ ألم تخبريه، ثم يتحدث معها وهي ترد عليه، الرابعة الخامسة السادسة العاشرة، ثم بعدها نظرة فابتسامة فكلامٌ فموعد فلقاء، من الذي أوصلها إلى تلك الجرائم، وذلك الحضيض؟
إنه الهاتف ولا أحرمه، فإن فيه فوائد كثيرة، وفيه مصالح عظيمة، ولكن تضبط بضوابط الشرع يا عبد الله! هل يصح أن يظل الهاتف في غرفة أختك الساعات الطوال؟
من تكلم؟ تضحك عليك، أكلم فلانة، من فلانة؟ لا تدري؟ الهاتف وضع للاحتياجات الضرورية، تكلمها في حاجة ضرورية ثم بعدها تضع الهاتف وتغلقه، وإن كان هناك رجل لا ترفع المرأة الهاتف، ما الذي يجعلها ترفع الهاتف وهناك رجل، وزوجها موجود وأخوها موجود فهو الذي يرفع الهاتف، فإن كان ولا بد فرفعت الهاتف فلتلتزم قول الله: {فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ} [الأحزاب:32] وكم من المصائب كانت بدايتها الهاتف؟
ومن المنكرات التي تنتشر في البيوت وابحث عنها في بيتك يا عبد الله، وأصلحها شيئاً فشيئاً حتى لا تؤتى من قبل البيت: رموز الديانات الكافرة.
ابحث في بيتك، إن كان هناك صليب فاكسره ولا تبالغ، ولا يصيبنك الوسواس، كلما رأيت خطين متقاطعين قلت هذا صليب وكسرته، لا، ما كان يشبه الصليب فأزله، تقول عائشة رضي الله عنها في البخاري: (أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يترك في بيته شيئاً فيه تصاليب إلا نقضه).
السادسة: صور الأرواح.
ادخل كل غرفة إن كانت لك سلطة، وإلا فبالتي هي أحسن، بالحكمة والموعظة الحسنة، ادخل كل غرفة، فإذا رأيت صورة معلقة، أو تمثالاً موجوداً، أو على أي مكان، يقول عليه الصلاة والسلام في حديث علي: (أيكم ينطلق إلى المدينة فلا يدع بها وثناً إلا كسره، ولا صورة إلا لطخها) يعني طمسها، من مثله يفعل؟
يذهب إلى البيت ويبحث في كل غرفة، إن كانت هناك صورة بدأ بالتي هي أحسن وقال: هذا حرام، تقول عائشة: (اشتريت نمرقة فيها تصاوير، فدخل عليه الصلاة والسلام فرآها فوقف عند الباب، فرأيت في وجهه كراهة، فقلت: يا رسول الله: أستغفر الله وأتوب إليه ما أذنبت؟ قال: ما هذه النمرقة؟ يا عائشة! أما علمتي أن أصحاب هذه التصاوير يعذبون يوم القيامة، يقال لهم: أحيوا ما خلقتم، يا عائشة! ألم تعلمي أن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه كلبٌ أو صورة).
عبد الله! هلا كان لك بهذا الموقف أن تأتي إلى أبيك فتخاطبه بالتي هي أحسن فتقول له: يا أبتاه! إن هذه الصورة حرام تمنع الملائكة من دخول البيت، فلا تجعلوها تدخل البيوت، وكم انتشرت المنكرات في بيوتنا، يقول عليه الصلاة والسلام: (إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة، ولا تجعلوا بيوتكم مقابر) هل المقابر فيها صور؟ المقابر والحشوش والخلاء ينتشر فيها الشياطين لأنه لا يذكر فيها الله، هل فيها صور؟
ليس فيها صور، فكيف لو جاءت الصور؟
كيف لو كثرت التماثيل؟
كيف تنتشر الشياطين؟
ثم بعدها نسأل: لِمَ هذا المس الذي يصيب كثيراً من الناس؟
امرأة تصاب بمس، وشاب يصاب بمس، وينتشر السحر، وينتشر الجن والشياطين في البيوت، فما السبب؟ وما الذي يحدث؟
انظروا إلى بيوتنا كيف انتشرت فيها المنكرات.
السابعة: التدخين.
وهو من المنكرات، فلا تسمح أن يدخن في بيتك، إن كنت صاحب سلطة كالأخ الكبير، والزوج، والأب، يقول الله عز وجل: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف:157] والدخان منها، والدخان حرام، ومنكر شرعاً، ولا يجوز لك أن تجلس في مجلسٍ يدخن فيه، فإن كنت تستطيع أن تنكره بيدك فافعل فإن لم تستطع فبلسانك فإن لم تستطع ففارق هذا المجلس، ولا تجلس في مجلسٍ كهذا، ولك أن تضع لوحة في المجلس -إن كنت لا تستطيع ويغلبك الحياء- تمنع بها التدخين، واطلب من الكبار أن يمنعوا كل من يدخن، ولا تجعل في بيتك أدوات طفايات أو ولاعات أو غيرها للمدخنين، لا تسمح في بيتك لهؤلاء، من أراد أن يدخن ليخرج ويدخن ثم يرجع إلى البيت، حاول قدر المستطاع، إن لم تستطع ففارق هذه المجالس التي يدخن فيها.
ومن المنكرات: الإسراف في تجميل البيوت وتزويقها.
تقول عائشة: (إن رسول الله خرج في غداة فأخذت نمرقة فسترته على الباب -قماش على الباب- تقول: فلما قدم فرأى النمرقة، عرفت الكراهية في وجهه، تقول: فهتكته -قطع القماش- فقال: يا عائشة! إن الله لم يأمرنا أن نكسو الحجارة والطين) ما أمرنا أن نزين الحجارة والطين، وليس تجميل البيوت بحرام (إن الله جميل يحب الجمال) ولكن المذموم الإسراف والمبالغة في هذا، يقول عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: (ستفتح عليكم الدنيا حتى تنجدوا بيوتكم كما تنجد الكعبة) كما تزين الكعبة تزينوا البيوت، بل لعل الأمر زاد على هذا، زينت بيوتٌ أكثر من الكعبة، قال: (كما تنجد الكعبة فأنتم اليوم خيرٌ من يومئذ).
أخيراً من المنكرات: المجلات الخليعة.
لا تسمح أن تبقى في بيتك مجلة خليعة، بعض الإخوة يشتري الجريدة وفيها ملاحق نازلة فاسقة فاجرة، ويقول: أتابع الأخبار، فمن الذي أباح لك أن تدع هذه الملاحق في البيت؟
من الذي يقرؤها؟ من الذي ينظر إلى الصور؟
أختك وأخوك، أبوك وأمك، وزوجتك، أدخل الجريدة بغير الملحق إن كان فيها صور عارية، وإن كنت تستطيع أن تقطع تلك الصور الخليعة فافعل، وبعد هذا أخرج هذه المجلات من البيت بعد أن تقرأ ما فيها من أخبار، ولا تصبح المجلات مرمية في كل بيت، مجلات للأزياء، ومجلات للأخبار، وملاحق، وصور عارية، توضع في البيت من الذي ينظر إليها؟ من الذي يطلع عليها؟ من الذي يفتتن بها؟ ومن الذي يجلس في البيت وأنت غائبٌ عنه.