معشر الإخوة! ومما يحسب أنه هينٌ وهو عند الله عظيم: السخرية بالدين وما اتصل به من تقليد خلق أهله، ومحاكاة أفعالهم وحركاتهم لإضحاك الناس وتسليتهم، وجعل ذلك مهنةً أو زينة مجلس، وربما قالوا بقول سلفهم: {إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} [التوبة:65 - 66].
إليهم ما قال صلى الله عليه وسلم فيما ثبت في مسند أحمد: {إن الرجل ليتكلم بالكلمة ليضحك بها جلساءه يهوي بها في النار أبعد من الثريا} وفي رواية: {ألا عسى رجلٌ يتكلم بالكلمة ليضحك بها أصحابه، فيسخط الله عليه بها لا يرضى عنه حتى يدخله النار} فإلى الهازئين الضاحكين المضحكين، مختلقي الأكاذيب لذلك، من يصدق على أحدهم:
ما زلت أعرفه قرداً بلا ذنب صفراً من البأس مملوءاً من النزق
أقول لهم: دونكم دونكم! كم ضاحكٍ بملء فيه والله ساخطٌ عليه.
تالله لو علمت ما وراءكا لما ضحكت ولأكثرت البكا
وكم من حروف تجر الحتوف!