أول أمر تحرص عليه في هذه العطلة وفي غيرها من الأيام هو الصلوات الخمس، قال الله تعالى: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً} [مريم:59] والله لن ينفعك هذا الكلام ولا هذا الدرس إذا لم تكن حريصاً على الصلوات الخمس، فإنك سوف تأتي يوم القيامة وأول ما تحاسب عليه الصلاة، فإن لم تصلح صلاتك فقد خبت وخسرت، وفسد سائر عملك ماذا ينفعك العلم والدعوة والنشاط والحركة والجهاد، إذا لم تكن حريصاً على الصلوات الخمس التي هي عمود الإسلام؟
وبعض الناس يحرص على طلب العلم وتفوته صلاة الفجر! واسمعوا إلى هذه الحادثة:
أخرج مالك في الموطأ: أن عمر بن الخطاب فقد سليمان بن أبي حثمة في صلاة الصبح؛ فذهب عمر في ذلك اليوم إلى السوق -وكان مسكن سليمان بين المسجد والسوق- فمر عمر على الشفاء أم سليمان، فقال لها: لَمْ أَرَ سليمان في الصبح.
فقالت: إنه بات يصلي فغلبته عيناه.
كان يقوم الليل، فنام عن الفجر، فقال عمر:
[لأن أشهد صلاة الصبح في جماعة أحب إليَّ من أن أقوم ليلة] صلاة الفجر في جماعة أفضل من أن أقوم الليل كله.
فيا من أضعت وقتك، تقوم الليل كله بقراءة كتاب، وتمضيه في سماع شريط، وتلخيصه، ثم تنام عن صلاة الفجر؟! ماذا نفعك العلم؟ ذاك رجل بال الشيطان في أذنه، وضحك الشيطان عليه، يقول الله تعالى في الحديث القدسي: (ما تقرب إليَّ عبدي بشيء أحب إليَّ مما افترضتُه عليه) لا تقم ليلة فيفوتك الفجر، ولا تطلب العلم في الصباح، ثم تنام عن صلاة الظهر، ولا تطلب العلم بعد الظهر ثم تنام على الكتاب وقد فاتك العصر، أي علم هذا؟! لا تظن أنك سوف تستفيد من وقتك وأنت تضيع الصلوات فأول شيء تحافظ عليه الصلوات الخمس؛ لأنك إن حافظت عليها تَنَظَّمَ وقتُك، وتستطيع أن تستغله، وتحافظ عليه، بل أن الله عزَّ وجلَّ يبارك لك في الوقت، ويبارك لك في العلم، وحافظ على الصلاة في جماعة، واحرص -أيها الأخ- في هذه الأوقات -أوقات الفراغ- ما إنْ يؤذن المؤذن إلا وأنت في المسجد فإنك في فراغ وليس هناك أي مانع.