ولعل من الأسباب: أنك في البداية كنت تدعو الناس ونسيت نفسك، كنت مقصراً في الطاعات، ولا نراك في صلاة الفجر، ولا نراك تقرأ القرآن في المسجد منذ متى جلست بعد الفجر إلى الشروق تقرأ القرآن وتذكر الله؟ متى تصوم الإثنين والخميس؟ أو تصوم صوم التطوع؟ لعلك كنت قد قصرت في هذا؟
ألم تسمع بـ عبد الله بن المبارك؛ كان من المجاهدين في سبيل الله، فإذا جاء الليل ورأى الناس قد ناموا قام يصلي لله تعالى، وكان إذا صلى العصر يجلس في المسجد يذكر الله وكأنه لا يعرف أحداً ولا يعرفه أحد، يذكر الله حتى غروب الشمس فكان في النهار مجاهداً، وفي الليل عابداً زاهداً راهباً.
ألم تسمع بـ سفيان الثوري الذي كان إذا أصبح رفع رجليه على الحائط حتى يعود الدم إلى رأسه من قيام الليل! وكان في النهار يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر يصارع الطغاة، ويجاهد الظالمين، حتى إنه يخفي كراريسه في الأرض خوفاً عليها، وإذا درَّس تلاميذه فيدرسهم في الخفاء؛ حتى لا يراه أحد، وإذا جاء الليل يضع يده اليمنى على خده اليمنى فيجلس من أول الليل إلى الفجر على هذه الحال يتفكر في يومٍ كان مقداره خمسين ألف سنة، فيسأله صاحبه: أكنت على هذه الحال من أول الليل؟ قال: إي والله، ما تركتني حتى أذن الفجر وأنا على هذه الحال، أفكر في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة.
ولعلَّ السبب أنك لم تحافظ على الأذكار، ولم تقرأ القرآن، ولم تجلس مع نفسك وتحاسبها.