أخي في الله: مالك بدأت تستمع إلى المنكرات؟! تمرُّ في السوق فتكلمها وتكلمك نعوذ بالله! ألم تكن في يوم من الأيام تقول لها: احتجبي، استتري بارك الله فيكِ؟ أما الآن فتغير الحال، بدأت أنت الذي تكلمها، بدأت أنت الذي تختلي بها، ما الذي جرى؟!
إن جلستُ معك أرى حديثك قد تغير، بدأت تتكلم في الدنيا، كنت يوماً من الأيام لا همَّ لك إلا الدعوة، كان حديثك: المسلمون في بلاد كذا، المسلمون يُقتلون، الناس في ضلال، الناس في ضياع، كان هذا حديثك في السابق، أما اليوم فلا أراك تتكلم إلا عن الصفق في الأسواق، وعن أخبار المباريات، وعن أسعار العملات، وعن التجارة، وعن البيع، وعن الشراء، وعن الدنيا، وكأنك لم تسمع أو تناسيت قول الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ} [التوبة:38] إذا قيل لك: تعال معنا ندعو إلى الله، قلت: عندي الآن الزوجة، والأولاد، والبيت، والسيارة، والأثاث، والمزرعة، وغيرها من الأعذار!
نناديك أن تدعو إلى الله؛ فتعرض {مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ} [التوبة:38] تغير حديثك، بدأت تتكلم، لكنَّ العمل لا أثر له، وتحسن الجدل، والكلام، إن جلست في مجلس وكأنك أكبر الدعاة وكأنك أفضل المجاهدين، لكن لا نراك بعد هذا المجلس تفعل شيئاً، نرى الكلام تحسنه أما العمل فلا تتقنه {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ} [الصف:2 - 3] بل وصل بك الأمر إلى الجدل فأصبحت لا تتقن إلا الجدل، تجادل في كل أمر، وتنتقد كل شخص، وكأنك المبرأ من العيوب، وكأنك الذي يُسأل ولا يسأل.