الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
أيها الأخ العزيز: أعرني سمعك، فإني سوف أتحدث عن بعض الإخوة، ولعلي أُعنِّف بعض الشيء، ولكن لا بأس فهي كلمات من أخٍ إلى أخ؛ فليتحملها الإخوة إن شاء الله.
هي قصة رجل التزم فبدأ يدعو إلى الله، كان يوماً من الأيام ينصح إخوانه وجيرانه، وأهله، وزوجته، وأبناءه.
كان يوماً من الأيام إذا مرَّ في الشارع فرأى منكراً توقف فنصح.
هي ذكريات مضت، أما الآن فيجلس في مجلس ويستمع فيه إلى المنكرات، ويتلذذ بها ولا يتغير، بل إن لم يكن يفعلها هو، تغيَّر الحال، وتبدلت الصورة.
كان يوماً من الأيام يقوم في المسجد يتكلم في الناس وينصح.
تذكر معي أخي في الله: يوماً من الأيام كنت تجمع الناس إلى المسجد، كنت إذا ذهبت إلى الصلاة طرقت الأبواب، تذكر عندما أعطيت فلاناً شريطاً وقلت له: استمع إليه، لعلَّ الله أن ينفعك به.
تذكر عندما كنت تجتهد في الدعوة إلى الله، وتنصح، وتذكر، وتأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر، فما الذي جرى؟!
أنا أتكلم عن ذلك الشخص الذي بدأ الفتور يدب إليه ويحسب أنه على خير، إذا نظر في المرآة فالصورة لم تتغير، واللحية لا زالت طويلة، والإزار ما زال قصيراً، -والحمد لله- ما زال يصلي، والمسكين لا يشعر أنه قد فتر في الدعوة إلى الله، بدأ يتهرب من جميع المسئوليات، بل إن وكِّلتْ إليه مسئولية في الدعوة إلى الله تهرب منها وتنصَّل، وتركها إلى غيره يقول الله عز وجل عن همِّ الدعوة وذلك الرجل: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْأِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً} [الأحزاب:72] أتعرف ما هي الأمانة؟ إنها أمانة هذا الدين.