النموذج الثاني: ابن تيمية

الطفل الثاني: يُسمى ابن تيمية، هذا الصبي الصغير سمع به أحد الشيوخ من دمشق، فأتى إلى بلده يسأل عنه، قال: سمعت أن شاباً يقال له: ابن تيمية، له حافظة قوية أين هو؟ فقال له أحد الناس: اجلس اجلس، فهو يمر في هذا الطريق إلى الكُتَّاب إلى الدرس، فجلس ينتظر حتى جاء ومعه لوح كبير، وهو صبي صغير، واللوح ربما كان أكبر منه، يحمل اللوح وتَخَيَّلْ هذا المنظر! يا ليتنا ننظر إلى هذه المناظر، شاب يحمل كتابه أو قلمه أو دفاتره وهو صغير في السن، يأتي إلى مجلس أهل العلم ليحفظ ولو كان في مجلس الشيوخ أو العلماء، ويكتب ويحفظ، لقد افتقدنا هذه المناظر منذ زمن ونراها اليوم تبذر هذه البذور الجديدة لبعض الشبيبة؛ لكن تتخطفهم الشهوات والأهواء، وأنى لهم أن يصبروا وهذه الشهوات قد امتلأت من كل مكان، إلا من ثبته الله جل وعلا.

يقول: فنظر إليه فأوقفه، قال: أنت ابن تيمية؟ قال: نعم، قال أعطني اللوح، فأعطاه، وكتب له ثلاثة عشر حديثاً من حِفْظِه، قال: اقرأ، فقرأ، ثم أخذ منه اللوح، قال: اقرأها علَي، فقرأ الثلاثة عشر حديثاً وما أخطأ فيها، فتعجب منه، فكتب للأحاديث أسانيد: حدثني فلان عن فلان، وكتب له أسانيد كثيرة، قال: اقرأها، فقرأها مرة واحدة، كلها، فقال: إن هذا الصبي لم يُعرف في عصره مثله، وسوف يكون له شأن، فصار شيخ الإسلام وشيخ هذا الدين ابن تيمية عليه رحمة الله، انظر وهو صغير ماذا يفعل!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015