عباد الله: التمسوا من حجكم المتثال والسمع والطاعة لله ثم لرسول الله عليه الصلاة والسلام: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور:54]، فإن الأنساك والشعائر إنما شرعت لإقامة ذكر الله، وكذلك المواسم عند أهل الإسلام إنما شرعت لإقامة ذكر الله، وكذلك الأماكن إنما فضلت لذكر الله فيها، فالأزمنة والأمكنة ما فضلت لكبير شيء؛ إلا لأن الله يذكر فيها.
قال تعالى: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ} [الحج:34] فالأنساك، والأعياد، والمواسم، والذبائح، والصلوات، والحج، والجهاد، والصيام؛ كل ذلك شرع لإقامة ذكر الله عز وجل، فالصلوات شرعت لإقامة ذكر الله، قال تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي} [طه:14] أي: لتذكرني فيها، وقال تعالى في بيان حكمة شرعه للجهاد: {وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا} [الحج:40] فالجهاد إنما شرع لإقامة ذكر الله، وكذلك الذبائح والأضاحي التي نتقرب بها إلى الله، نتقرب بها لذكره، {لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة:185]، ولذلك قال فريق من أهل العلم في الآية الأخيرة: إذا نذرت أن تذبح كبشاً فلا يجزئ أن تشتري مائة كيلو لحم وتتصدق بها؛ لأن ذبح الكبش فيه ذكر الله.